جنوب السودان : الطريق الشاق إلى مجانية التعليم

أطفال في جنوب السودان
أطفال في جنوب السودان © مونت كارلو الدولية

في دولة جنوب السودان يعتبر قطاع التعليم من القطاعات التي أهملت منذ عام 2011 وبعد الإستقلال عن السودان، و ازدادت الأمور تعقيدا بعد اندلاع الحرب و التي هجرت مئات الآلاف من الأطفال إلى مناطق أخرى وإلى الدول المجاورة. و بحسب منظمة اليونسيف، فقد 4 مليون طفل التعليم سواء داخل جنوب السودان أو ضمن اللاجئين في دول الجوار.

إعلان

القرار الرئاسي لمجانية التعليم لمرحلتي الأساسي والثانوي و الذي يقره الدستور الإنتقالي في الفصل الثاني المادة 29  الفقرة الثانية والذي ينص على أنه: ( يجب على جميع مستويات الحكومة أن تعزز التعليم على جميع المستويات وتضمن التعليم المجاني والإلزامي في المرحلة الابتدائية...)، والقرار ترك صدى وسجالات، خاصة في الأوساط الرسمية والإجتماعية ، ووجد ترحيبا ودعما من المهتمين في البلاد ، وتسأءل الكثيرون حول جدية التنفيذ وتوفير التمويل البديل لقطاع التعليم العام ، وقدرة الحكومة على الإستجابة لإحتياحات المدارس ،وتحسين المرتبات الهزيلة للمعلمين ، بعد إلغاء الرسوم الباهظة، التي أثقلت كاهل المواطنين، والتي كانت تعتمد عليها المدارس في دفع التزامتها الشهرية.

و بالرغم من إقرار مجانية التعليم  في القانون منذ ما يقرب من 12 سنة من إجازتها , إلا أنها ظل حبرا على الورق دون التنفيذ .

وتحكى هيلين كريستوفر لادو التي لها 3 أطفال في المدارس الخاصة في مدينة جوبا لمونت كارلو الدولية عن معاناتها مع التعليم الخاص الذي أصبح رسومه تفوق الخيال فتقول : " نحن نحاول تسجيل أبناءنا في المدارس الخاصة لانها لا بديل لنا بالرغم من غلائها وصعوبتها ، لكن لآن بعد القرار الرئاسي المتعلق بمجانية التعليم ، نحن سعداء جدا  بهذا القرار ، سنعتمده كأسر التلاميذ والطلاب ، والآن نفكر في تحويل أبناءنا من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية إذا ما تمت تنفيذ الإجراءات الضرورية في القطاع العام ، لأن ذلك سيخفف عنا الكثير من العبء والتكاليف التي أثقلت كاهلنا في التعليم الخاص ).

ويبدو أن الطريق شاق نحو مجانية التعليم ما لم تعطى أهمية قصوى, في ظل غياب إصلاحات جديدة عاجلة في هذا المجال ، و وضع ميزانيات كافية بحجم التحديات و النقص الذي يواجهه التعليم والعاملون في هذا المجال .

ويقول أستاذ الرياضيات المتقاعد محمد رمضان باكوتو الذي قضى ما يقرب من  (41 عاما ) في مجال التدريس لمونتكارلو أن: " الإهتمام بالمعلم هو مربط الفرس ، فإذا كان الأستاذ أو المعلم غير مرتاح والحالة النفسية له غير معافى ،فهو لا يستطيع أن يؤدي رسالته بالصورة المرضية والمطلوبة ).

ويربط ذلك كله بالجانب المادي للاحتياجات الأساسية للمعلمين ويضيف : ( رواتب المعلمين لا يتماشى مع الغلاء والوضع المعيشي ،فالمعلم يحتاج إلى كثير من الخدمات حتى يقدم مهمته على أفضل وجه ،مثل الترحيل ،العلاج ،والسكن ، فالمعلم كقائد الطائرة ، إذا كان يعاني من شئ ما ،فحياة الركاب في خطر ، وهذا هو الوضع الآن مع التلاميذ  ؛ هذه المتطلبات في النظام القديم تسمى ب(علاوة الطباشير) .  ويمضي الأستاذ محمد في كلامه قائلا :( ولمنع إنهاك المعلمين في أعمال أخرى ، كالدروس الخصوصية أو البحث عن وظيفة أخرى لسد إحتياجاته الضرورية ،على السلطات المختصة في البلاد توفير الراحة للمعلم حتى يستطع تقديم الخدمة بالقدر المطلوب ، وبحسب ما أرى فإن التعليم في القطاع الحكومي لن يتحسن إلا إذا إستجابت السلطات لمتطلبات المعلمين بالإضافة إلى الرعاية الكامل من الدولة للتعليم ، أكثر من أي وقت مضى ) .

ما زال الكثيرون من الفئة المثقفة المتعلمة تؤمن بأهمية التعليم الحكومي بالرغم من الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ،كما تؤكد جوديت روبين نائبة رئيس لجنة التعليم بمجلس الولايات في جوبا إنه إذا إستطاعت الدولة بذل جهدها لوضع البنية الأساسية للعملية التعليمية ، وشرعت في تنفيذ القرار وتوصياته المرفقة به ، ستكون النتائج في قطاع التعليم  مثمرة )،  وتضيف جوديت: ( ما نحتاج أن نركز عليه الآن وقبل كل شئ هو تنفيذ هذا القرار على مستوى القواعد المحلية ، للإستفادة منه في تطوير العملية التعليمية ، في أنحاء دولة جنوب السودان قاطبة.

هذا القرار هو البداية للبنية الأساسية للتعليم ، إذا ما تمت تقوية المدارس الحكومية من خلال حل كل التحديات التي تواجههم مثل المرتبات والبيئة الصحية والوجبات المدرسية، إذا توفرت كل ذلك في المدارس الحكومية ، حينها لن يكون هناك حاجة إلى التوجه إلى التعليم الخاص ، أما إذا لم يتم حل كل تلك العقبات فإن المشكلات المتعلقة بالتعليم ستظل باقية) . 

ويأمل الكثيرون من أولياء التلاميذ والطلاب ، في عودة أبنائهم إلى المدارس ، بعد الإصلاحات الجديدة في قطاع التعليم الحكومي العام ، خاصة الأسر الفقيرة في المناطق النائية من أطراف البلاد والتي تعتبر الأكثر تضررا من الحرب ، والتدهور الإقتصادي الماثل، ما يتطلب تدخلا غير مسبوق من الجهات الحكومية المعنية والمنظمات الخيرية المهتمة بشؤون التعليم في الدولة .

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية