من بينها موريتانيا والكويت.. دول عربية في صدارة تقرير "مؤشر الرق العالمي"

سجلت كوريا الشمالية وإريتريا وموريتانيا أعلى نسبة انتشار للعبودية الحديثة في العالم، بحسب مؤشر الرق العالمي 2023 الذي نُشر الأربعاء 24/05، وأشار إلى الوضع الحقوقي "المتفاقم" على مستوى العالم منذ المسح الأخير الذي أجراه قبل خمس سنوات. بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات والكويت شهدت هي الأخرى، ارتفاعا ملحوظا في نسب مظاهر العبودية الحديثة من خلال نظام "الكفالة" الذي وصف بأنه يقيد حقوق العمال الأجانب، فحلت في المراتب العشر الأولى للمؤشر.

وظف سابق في شركة فوروكاوا اليابانية يحمل حبلًا أثناء حمله للحبل أثناء احتجاج على العبودية الحديثة أمام مكتب أمين المظالم في كيتو في 2 ديسمبر 2021.
وظف سابق في شركة فوروكاوا اليابانية يحمل حبلًا أثناء حمله للحبل أثناء احتجاج على العبودية الحديثة أمام مكتب أمين المظالم في كيتو في 2 ديسمبر 2021. © أ ف ب
إعلان

يصدر التقرير عن مؤسسة Walk Free غير الربحية والتي تسعى إلى إنهاء العبودية الحديثة، ومنذ إصدار آخر نسخة منه في عام 2018، قدر أن 10 ملايين شخص آخرين قد وقعوا في قبضة العبودية الحديثة، مما رفع العدد الإجمالي إلى 50 مليونا - بما في ذلك 28 مليونا يخضعون للعمل الجبري و22 مليونا للزواج القسري.

تصف Walk Free الأمر بـ "الأزمة" وتقول إن على رأس أسبابها جائحة Covid-19 وتغير المناخ والنزاعات المسلحة والنزعة الاستهلاكية المتفشية، ويعزز ذلك كله فشل الحكومات ورجال الاقتصاد في حسن التصرف من أجل إيجاد الحلول.

يُعرِّف المؤشر، العبودية الحديثة بكونها تشمل "العمل القسري، والزواج القسري أو الاستعباد، وعبودية الدين، والاستغلال الجنسي التجاري القسري، والاتجار بالبشر، والممارسات الشبيهة بالرق، وبيع الأطفال واستغلالهم.

حسب التقرير، دفعت الأزمات العالمية ملايين آخرين إلى نظام السخرة، فعلى سبيل المثال، أدت الزيادة المفاجئة في الطلب على المنتجات الطبية أثناء الوباء، إلى جانب عمليات الإغلاق والفقدان المفاجئ للوظائف، إلى خلق بيئة مساعدة على استغلال العمال المهاجرين.

كما أجبر الانكماش الاقتصادي الشديد بعض العائلات على إرسال أطفالها للعمل أو دفع بناتها إلى الزواج ولما يبلغن السن القانون إما لكسب المال أو لتوفير الغذاء.

ويضيف أن الصراع دفع المزيد من الناس إلى هجر منازلهم، وفي بعض الأحيان عبور الحدود إلى بلدان ذات سياسات قاسية تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء.

من جهة أخرى وفق المصدر، فإن تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في العديد من البلدان، بما في ذلك أوروبا، حيث يسعى الكثيرون لبدء حياة جديدة، أدى إلى سياسات أكثر تقييدا، والتي بدورها تعرض النازحين لمخاطر أكبر من الاستغلال.

نور الدين محمدو رئيس حزب"موريتانيا إلى الأمام"أقر بوجود حالات استرقاق ببلاده تتركز في أدغالها وفي الشرق الأقصى عند سود البشرة خاصة، وهذا يفسر بعمق التفاوت الطبقي الحاصل داخل تلك المجتمعات ما يضطر ضعفيها إلى الاستكانة للغني ووضع نفسه تحت إمرته، مشيرا إلى أن القانون يجرمها بشكل قطعي.

ممارسة قائمة رغم التجريم القانوني

من جهة أخرى، نبه المتحدث إلى نسبية مصطلح الرق وتطور معانيه حسب طبيعة البنية المجتمعية وتوظيفه اليومي، إذ قد يرتبط بالوضع الاقتصادي القائم كما قد يكون كناية عن التفاوت الطبقي الضارب في المجتمع.

في هذا السياق، أشار المسؤول السياسي إلى أن هناك توجهات سياسية وجيوسياسية وإقليمية "تريد النيل من سمعة موريتانيا عبر إصدار تقارير غير موضوعية ولا تتوفر فيها شروط الدقة"، ودلل على ذلك بالتقارير التي كانت تصدر في تسعينيات القرن الماضي توجه انتقادات لموريتانيا بهذا الشأن، غير أنها اختفت تماما عقب تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بل وباتت البلاد محط ثناء وإطراء من لدن عدة جهات دولية، وفق توصيفه.

في الـ 13 من أغسطس/آب 2015 أقرت الجمعية الوطنية الموريتانية مشروع قانون رقم 049/15 يلغي ويحل محل القانون رقم 13/011 الصادر بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني 2013 يقضي بمعاقبة جرائم الاسترقاق والتعذيب بوصفها جرائم ضد الإنسانية.

القانون الذي يتكون من 26 مادة، تنص مادته الثانية على أن"الاستعباد يشكل جريمة ضد الإنسانية غير قابلة للتقادم"، وتبين المادة الثالثة الحالات التي توصف بأنها استعباد، ومعاقبة كل إنتاج أو عمل ثقافي وفني يمجد الاستعباد، بعقوبة ست سنوات سجنا ومصادرة ذلك العمل.

كما فرض القانون غرامات مالية على كل من شتم علنا شخصا ووصفه بأنه عبد، أو ينتسب إلى العبيد. وقد تصل العقوبة إلى عشر سنوات سجنا نافذا، وتصل الغرامة المالية إلى خمسة ملايين أوقية (حوالي 14 ألف دولار) ونص القانون الجديد على استحداث محاكم متخصصة لمواجهة الرق بقضاة متخصصين، ألزمهم بالمحافظة على حقوق الضحايا في التعويض، وتنفيذ الأحكام القضائية التي تتضمن تعويضا لضحايا العبودية، دون انتظار الاستئناف.

مآخذ على نظام الكفالة

من بين مآخذ التقرير على كثير من دول الخليج العربي استمرار تبنيها لنظام الكفالة، إذ يعتمد العاملون الوافدون على كفيلهم في عملهم وإقامتهم، فيجردون من حق تغيير عملهم أو مغادرة البلد بدون إذن الكفيل.

هذا الوضع يضع في كثير من الأحيان العمال محدودي الدخل القادمين أساسا من آسيا وأفريقيا لسوء المعاملة، بل وللاستغلال والعنف بشتى أنواعه، الأمر الذي يدفع منظمات حقوق الإنسان محليا ودوليا للمطالبة باستمرار بإجراء إصلاحات تشريعية في البلدان التي ما يزال نظام الكفالة قائما فيها.

الصحفي والمحلل السياسي الكويتي حسين جمال لا يتفق مع هذا الطرح، إذ يرى أن نظام الكفيل وضع للحد من ظاهرة الاتجار في البشر، مشيرا على أن قوانين الكفيل في الكويت مثلا يتم تطويرها بين الفينة والأخرى.

تفسيرا لسياق إقرار القانون المثير للجدل، يذكر المحلل السياسي أن المشرع الكويتي كان في فترة من الفترات يتعامل مع واقع يستوجب تبني نظام الكفيل، بما يحفظ للعمال حقوقهم، ضاربا مثالا لذلك، بإلزام المشغل توفير راتب مدة 3 أشهر للكفيل في حالة تسريحه من العمل إضافة إلى منحه مستحقات نهاية الخدمة.

في المقابل، أقر المتحدث بوجود بعض المخالفات المرتكبة ضد العمال الأجانب واستغلالهم من قبل مشغليهم، موضحا أن حقوقهم في اللجوء إلى القضاء مضمونة شريطة وعيهم بحقوقهم ومعرفتهم بالقانون.

حسين جمال استبعد أن يساهم إلغاء قانون الكفالة في تحرير العمال تماما، بل قال إنه يحميه بطريقة أو بأخرى.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية