"تقرير مصير الجزائر": أول استفتاء في تاريخ الجمهورية الفرنسية

بعد أن أقر مجلس الوزراء الفرنسي مشروع قانون يدرج حماية البيئة في الدستور، بدأت الحكومة الفرنسية التفكير في تنظيم استفتاء شعبي حول مسألة البيئة لكن بعض مستشاري الرئيس إيمانويل ماكرون بدأوا في تحذيره من مغبة اللجوء إلى الاستفتاء والتي قد تنطوي على مخاطر سياسية.

صورة رمزية استفتاء
صورة رمزية استفتاء © تويتر
إعلان

مونت كارلو الدولية تعود على أول استفتاء نظمته فرنسا قبل نحو ستين عاما وهو استفتاء يتعلق بالملف الجزائري وأدى إلى استقلال الجزائر بعد 132 سنة من الاحتلال، لكن أثاره مازالت حاضرة في المشهد الفرنسي إلى اليوم.

الجمهورية الخامسة الفرنسية التي تم تأسيسها في الرابع سبتمبر /أيلول 1958، شهدت تنظيم تسع استفتاءات شعبية، أولها كان استفتاء 8 يناير / كانون الثاني 1961 والذي وافق عليه الفرنسيون والجزائريون بأغلبية كبيرة وأدى إلى استقلال الجزائر.

في فترة الاستفتاء كان رئيس الجمهورية الفرنسية هو الجنرال شارل ديغول ووزيره الأول هو ميشال دوبريه حيث كان القرار رقم 60-1299 المؤرخ في8  ديسمبر، هو الذي يسمح بتقديم مشروع القانون للاستفتاء ، والسؤال الذي طرح على الفرنسيين والأهالي ( الوصف الذي كانت تطلقه فرنسا الاستعمارية على الجزائريين ) هو التالي : "هل توافق على مشروع القانون المقدم للشعب الفرنسي من قبل رئيس الجمهورية فيما يتعلق بتقرير مصير الشعب الجزائري وتنظيم السلطات العامة في الجزائر قبل تقرير المصير؟"

الوصول الى هذا الاستفتاء أملته عدة عوامل، أولها الثورة الجزائرية التي بدأت في نهاية 1954 والتي كانت تكبد القوات الفرنسية الكثير من الخسائر البشرية والاقتصادية وأدت إلى مفاوضات سياسية مع حزب جبهة التحرير الجزائرية والتي سميت "اتفاقيات إيفيان".

داخل فرنسا كان هناك جانب كبير من المواطنين والمثقفين الذين تعاطفوا مع حركات التحرر في العالم ومع القضية الجزائرية وقاموا بضغوطات كبيرة على حكومتهم، إضافة إلى رغبة سياسية أبداها الرئيس الفرنسي شارل ديغول بالتجاوب مع التغيير الذي شهدته الساحتين الفرنسية والدولية والانتهاء من المعضلة الجزائرية بعد فشل الخيار العسكري.

في بداية العام 1961 دُعي الفرنسيون في الداخل وفي الجزائر وأيضا الجزائريون غير المجنسين، الذين كانوا يملكون حق التصويت منذ ثلاثة أعوام، للمشاركة في استفتاء يناير، حيث كانت نسبة المشاركة أكبر داخل فرنسا والتصويت بنعم تجاوز 75٪؜ وتمت الموافقة على حق تقرير المصير للجزائريين.

بهذا التصويت أعرب الفرنسيون في الداخل، عن رغبتهم في الانتهاء مع الحرب، بينما داخل الجزائر، كانت الأمور أصعب للسكان الأصليين للمشاركة في التصويت بسبب تطرف المستعمرين الفرنسيين ورفضهم التفريط في الجزائر واعتبارهم أن ديغول وفرنسا خانا الجزائر الفرنسية، ولكن بالرغم من هذا التصويت كان لصالح الاستفتاء داخل الجزائر.

الفترة التي تلت استفتاء يناير كانت صعبة داخل الجزائر وفرنسا، حيث ارتكبت عدة أعمال إرهابية أودت بحياة المدنيين ونفذتها القوات الفرنسية التي ترفض استقلال الجزائر، كما كانت هناك محاولة انقلاب فاشلة على الرئيس شارل ديغول. محاولة الانقلاب أدت إلى قطيعة نهائية مع تيار المتطرفين الفرنسيين من أنصار إبقاء الجزائر تحت الاحتلال، وأدت إلى استمرار تفاوض باريس مع زعماء الثورة الجزائرية حتى إعلان استقلال الجزائر في يوليو 1962.

وفي النهاية ما يبقى من استفتاء 1961 أنه كرس انقسامات داخل المجتمع الفرنسي، مازالت آثارها تظهر حتى الوقت الراهن عندما يكون هناك ملف يخص العلاقات الفرنسية الجزائرية.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية