لوموند: "الانجراف الاستبدادي المقلق للرئيس التونسي قيس سعيد"

سلطت صحيفة ''لوموند'' الفرنسية في عددها الأخير الضوء على الأزمة السياسية التي تعيشها تونس إثر تفعيل الرئيس قيس سعيد الفصل 80 من الدستور وتركيز معظم السلطات في يديه باسم " إحياء ثورة الشعب" واصفة ذلك بكونه ''انجرافا استبداديا".

الرئيس التونسي قيس سعيد
الرئيس التونسي قيس سعيد via REUTERS - TUNISIAN PRESIDENT'S OFFICE
إعلان

ومن خلال افتتاحية يوم السبت 25 سبتمبر 2021 والتي حملت عنوان ''انجراف الرئيس التونسي الاستبدادي"، أشارت "لوموند" إلى ما وصفته بـ "تهاوي خرافة التوافق الديمقراطي في تونس" محملة مسؤولية ذلك إلى "رئيس الدولة نفسه قيس سعيّد، الذي تم انتخابه سنة 2019 إثر اقتراع مناهض لـ"النظام".

وبإصدار سعيد يوم الأربعاء 22 سبتمبر 2021 قرارا بإعادة صياغة القوانين الدستورية في اتجاه تجميع السلطات لصالحه، يكون قد "زجّ ببلاده في مغامرة حكم فردي مثقل بالتصدّعات والكسور" وفق تعبير الصحيفة الفرنسية.

"لوموند" مضت في تقريعها لإجراءات الرئيس التونسي فذكرت أنه "حتى إن كانت غواية الاستبداد لدى قيس سعيد مغلّفة بتمجيد ''الشعب'' و ''إحياء الثورة '' فإنها تضع بشكل أحادي نهاية لعشرية تدرّب على ممارسة الديمقراطية البرلمانية 2011-2021. إذ لا يمثل الحدث كارثة للإرث الديمقراطي في تونس فحسب وإنما الأمر أيضا بالنسبة للعالم العربي قاطبة، إذ شكل النموذج التونسي بصيص أمل في معاقل الدكتاتوريات والحروب الأهلية، لكن هذه المنارة انطفأت''.

وأضافت ''لوموند : ''الأكيد أنه لا ينبغي الانتشاء بالكثير من الأوهام بعد إجراء 25 يوليو حين استأثر قيس سعيد لنفسه بكل السلطات متذرّعا بـ"خطر داهم'' يتهدّد الأمة طبقا للفصل 80 من الدستور. وقد صفقت الجماهير لذلك نتيجة سخطها على الصراعات السياسية العقيمة تحت قبة البرلمان في ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واحتدام الازمة الناتجة عن جائحة كوفيد-"19. "لكن اتضح ان ما كان يُفترض أن يكون تصرفا مؤقتا لفرض النظام وتصويب المسار يؤسس في الواقع لتأبيد نظام استثنائي" . تقول الصحيفة قبل أن تضيف "وجاء الفصل الثاني من مغامرة قيس سعيّد بالأمر الرئاسي الصادر بتاريخ يوم الأربعاء 22 سبتمبر ليجسد بوضوح أكثر الانسياق إلى انحراف استبدادي عبر نسف قسم كامل من دستور 2014 .وبذلك احتكر الرئيس بإلهام منه صلاحيات مراجعة الدستور حتى يكون دستورا رئاسيا".

اليوم، لم يعد الليبراليون التونسيون يخفون قلقهم أمام الانجراف الاستبدادي المتزايد. كما أن أصواتاً في البلاد تخشى نظام طوارئ "بدون أي ضمانات". في مقابل ذلك نبهت "لوموند" إلى أنه ''لا أحد ينازع في الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها تونس، والتي لوثت العشرية التي تلت سنة 2011 . كما لا ينازع أحد في الشعبية التي يحظى بها الرئيس الحالي -إلى حد اليوم- باعتباره رئيس الدولة الذي يرى فيه جزء من الجماهير اليائسة منقذا نزل من السماء. غير أنه كان على سعيّد التجميع بدل التقسيم، كان عليه الحفاظ على ثقافة الحوار التي ميزت تفرّد الانتقال الديمقراطي في تونس".

في الخارج، يذكر كاتب الافتتاحية "تشعر الدول الغربية –الولايات المتحدة في المقدمة- بالقلق من هذا الانحراف الدستوري، وإضعاف النموذج الديمقراطي التونسي، فيما لا يخفي المحور الإقليمي الذي شكلته مصر والإمارات والسعودية، والمُعادي لنفوذ الإخوان المسلمين، ارتياحه للإطاحة بحركة النهضة. أما تركيا، المقربة من حزب راشد الغنوشي فتبدو غير راضية. في حين رفعت الجزائر مستوى يقظتها خوفا من أن تصبح جارتها مرتعا للتدخل الأجنبي. بينما تراقب إيران وروسيا والصين عن كثب أيضا ما يحدث في تونس، لكن أدوار كل منها تبقى أكثر غموضا".

وختمت الصحيفة بالقول: ''لا يمكن لتونس وهي على حافة الإفلاس المالي المجازفة بتأجيج فتنة مصطنعة ولم يفت الأوان بعد لتفادي السقوط في ورطة مماثلة. على سعيّد أن يعي -بغض النظر عن الشعب- أن المجتمع المدني التونسي موجود وأن تاريخه جزء أصيل من الهوية الوطنية. لذا على سعيّد أن يفهم أن الانصات لهذا المجتمع خير دافع لجهود الانقاذ وأن تجاهله يفتح دوامة المجهول".

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية