تحليل إخباري

هل يؤدي تفاؤل رئيس الحكومة المغربية إلى فتح حدود البلاد نهاية الشهر الجاري؟

قطع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية دابر العديد من الشائعات التي تتحدث عن تأجيل لشهرين فتح الحدود المغربية. وأكد أخنوش في حديث تلفزيوني أن قرار فتح الحدود من عدمه، سيتم اتخاذه في اللحظات الأخيرة كي تتمكن الحكومة من معرفة الحالة الوبائية للبلاد. وقال رئيس الحكومة إن قرار الإغلاق الساري المفعول منذ ال 29 من تشرين / نوفمبر المنصرم، كان صائبا لأنه تعلق بمتحور لم يكن معروفا، لكن الوضع اختلف الآن بعدما تبين أنه لا يؤثر بشكل كبير على المرضى. كما أقر أخنوش، من جهة، بصعوبة الوضع على القطاع السياحي وتمنى أن يشهد انفراجة، ومن جهة أخرى، بمعاناة المغاربة المقيمين في الخارج ممن يريدون السفر إلى المغرب.

الخطوط الجوية الملكية المغربية
الخطوط الجوية الملكية المغربية © أ ف ب
إعلان

وأعلن رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش أن ملف فتح حدود المغرب مع الخارج بات مطروحا على أجندة الحكومة، وأنه متفائل بالقرار الذي سيتم اتخاذه. لكن أخنوش بدا جد حذر بتأكيده أنه وإن كان يقر بعدم إمكانية استمرار إغلاق الحدود لوقت طويل، إلا أنه يفضل "احترام القانون" الذي يمنح "حسب تعبيره" للجنة علمية صلاحية إعطاء استشارتها وللجنة وزارية مكلفة بملف الجائحة، إمكانية اتخاذ القرار في هذا الشأن.

مخاوف كبيرة من تمديد إغلاق الحدود

ويأتي حديث عزيز أخنوش في وقت يواصل المغرب إغلاق حدوده المرتقب فتحها نهاية الشهر الجاري وسط مخاوف لدى الكثيرين من إمكانية تمديد الإغلاق. وقد سبق لمصطفى بايتاس، الناطق باسم الحكومة المغربية، أن صرح أوائل الشهر الجاري، أن فتح حدود المملكة "مشروط بتحسن الوضعية الوبائية". وقال إن "موضوع فتح الحدود ليس قرارا سهلا، بل يتم بناء على استقراء دقيق للمؤشرات، داخليا وخارجيا، ولكن نتمنى ألا تطول الموجة الحالية، وإذا انتهت فسوف تقابلها الإجراءات الملائمة".

لكن سعيد متوكل، عضو اللجنة العلمية ضد كوفيد 19 صرح للصحافة بأن القرار وإن كان بين يدي اللجنة الوزارية إلا أنه يعتقد في إمكانية فتح الحدود لكون متحور أوميكرون المنتشر في العديد من بلدان العالم، هو نفسه الموجود حاليا بالمغرب، واعتبر المتوكل أنه بالتالي لا سبب لتمديد إغلاق الحدود إلا إذا كانت هناك متحورات أخرى أكثر حدة على الصعيد العالمي. وتوقع المتوكل أن يتوقف الإغلاق نهاية الشهر الجاري، مع تطبيق الإجراءات المصاحبة في ما يتعلق بالدول التي تواجه خطرا كبيرا ناجما عن ظهور المتحورات، عبر تبني نظام اللوائح الخاصة بالبلدان حسب انتشار الفيروس بها.

حمضي الطيب: الإشكال في عدم التزام الكثيرين بالاحتياطات وليس في فتح الحدود

وبالنسبة للطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، فإن قرار المغرب إغلاق حدوده خلال بداية ظهور المتحور أوميكرون، كان قرارا مبررا "لأننا كنا نحتاج إلى التعرف على هذا المتحور ومدى خطورته، وأيضا حماية المكتسبات التي تحققت في المغرب والمنظومة الصحية في البلاد".

لكن يقول الطيب حمضي، في حديث لمونت كارلو الدولية، "الآن، بات السؤال يُطرح حول الجدوى الصحية من الحفاظ على الحدود مغلقة. من الناحية الوبائية الصرفة، نلاحظ أن متحور أوميكرون هو السائد المطلق في المغرب، وأن جميع جهات المغرب فيها انتشار جماعي للفيروس. ولحد الساعة 10 في المائة من الأَسِرة المخصصة لفيروس كورونا في الإنعاش فقط هي المشغولة، والضغط لا يوجد سوى في جهة الدار البيضاء، وبالتالي المنظومة الصحية المغربية لديها فائض كبير ويمكنها تحمل هذه الموجة".

الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية

ويضيف الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن الإشكال في المغرب اليوم، غير مرتبط بفتح الحدود، وإنما بموجود أعداد كبيرة من المواطنين ممن لا يلتزمون بالإجراءات الوقائية ولا بالاحتياطات، ومنهم من لا يلتزم حتى بالعزل الصحي. ويضيف حمضي: "وهنا يطرح سؤال هام من الناحية الوبائية: هل هؤلاء هم من يشكلون خطرا على تطور الوضعية الصحية في المغرب؟ أو مواطنون مغاربة في الخارج أو سياحا أجانب سيدخلون للمغرب ولديهم التلقيح الكامل وشهادة الفحص السلبية؟ من الناحية العلمية والوبائية فتح الحدود بالشروط الصحية من فحص وتلقيح، لا يشكل أي خطر إضافي مقارنة مع انتشار الفيروس في المغرب ووجود عدد من السلوكات التي تؤدي إلى تفشيه".

خسائر على أكثر من واجهة

رغم أن السلطات المغربية خصصت رحلات جوية من عدد من الدول لإجلاء المغاربة العالقين في الخارج، إلا أن الكثير منهم لا يزال ينتظر العودة إلى بلاده، كما يعاني المقيمون منهم في دول المهجر الأمرين وهم ينتظرون فتح الحدود وسط توقعات وإشاعات تؤخر الموعد أو تقربه، ما يشكل ضغطا نفسيا كبيرا عليهم ينضاف لذاك الذي يتسبب فيه الوضع في ظل الجائحة. كما يعاني من فقدوا منهم، أحد الأقرباء وهم في الخارج، من عدم إمكانية السفر لأجل إلقاء النظرة الأخيرة عليهم، ولا يتمكن من توفي منهم في الخارج من العودة الأخيرة ليرقد بسلام في بلاده.

بدوره تضرر اقتصاد البلاد بشكل كبير جراء عمليات الإغلاق وخاصة قطاعات الاستثمار والتجارة والسياحة. فالقطاع السياحي، مثلا، تأثر بشكل كبير من إغلاق الحدود، إذ عول المهنيون على أعياد رأس السنة كي يحقق قطاعهم بعض الانتعاش خاصة بعد الركود الكبير الذي شهده خلال ما يناهز عامين. وحسب معطيات رسمية، فقد انخفضت مداخيل القطاع إجمالاً بمعدل 65 بالمئة (نحو 7,5 ملايين دولار) بين عامي 2019 و2020. كما انهارت عدد ليالي المبيت في الفنادق من 25,2 مليون ليلة العام 2019 إلى سبعة ملايين فقط في العام الموالي. واضطرت العديد من الشركات والمؤسسات الفندقية وغيرها إلى التخفيض من عدد العمال عبر توقيفهم بشكل مؤقت أو تسريحهم. وقد أطلقت الحكومة مخططا استعجاليا لدعم القطاع السياحي بقيمة ملياري درهم، إلا أن ذلك لا يعد كافيا بالنظر إلى حجم الخسائر، ما يدفع العاملين في القطاع إلى المطالبة بفتح الحدود للحيلولة دون انهياره ولإنقاذ آلاف الأسر التي تعيش من مداخيله.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية