تحليل إخباري

في اجتماع لمجلس الأمن حول ليبيا: قوى دولية متشائمة وروسيا تذكر بمسؤولية الحلف الأطلسي عن الوضع

اجتماع للأمم المتحدة حول ليبيا
اجتماع للأمم المتحدة حول ليبيا AP - Seth Wenig

أجمعت مواقف جل القوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي وكذلك الأمم المتحدة عن خشية كبيرة من المسار الذي قد تؤول إليه الأوضاع في ليبيا، وتوالت الدعوات خلال اجتماع لمجلس الأمن، إلى "حماية المكاسب" حسب كلمة ممثل فرنسا، والتعامل مع هذا الملف بالكثير من "الحذر" و"الصبر"، حسب تعبير ممثل ألبانيا، بينما ذكّرت الولايات المتحدة بأن الليبيين يريدون إجراء انتخابات، قبل كل شيء.

إعلان

وقد أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو أن "السلطة التنفيذية الليبية تواجه أزمة يمكن أن تؤدي، إذا لم يتم حلها، إلى زعزعة الاستقرار وإلى حكومات موازية في البلاد". واعتبرت أن الخطر الذي تواجهه ليبيا، يتمثل في تقسيم جديد للمؤسسات "وإلغاء للمكاسب التي تحققت في العامين الماضيين" في ظل تعقد مسار تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية، وعدم التوصل إلى اتفاق بشأن المسار السياسي الذي يمكن أن يخرج البلاد من أزمتها.

فالمخاوف تكبر من أن تعود ليبيا إلى حالة الصراع السياسي وخطر التصعيد بين حكومتين باتتا تتصارعان على السلطة، حكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، والتي تمخضت عن اتفاقات سياسية برعاية الأمم المتحدة، وحكومة فتحي باشاغا الذي كلفه برلمان طبرق بتشكيل حكومة نالت ثقة هذه المؤسسة بعد ذلك. ويؤكد مراقبون أن مجلس الأمن بات شبه عاجز أمام هذا الملف، ولا يتسم موقفه بالكثير من الانسجام والوضوح.

ويؤكد رمضان أبو جزر، مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث والدراسات، أن مجلس الأمن لم يكن صارما ولا واضحا سواء إزاء عملية الاعتراف بشرعية حكومة فتحي باشاغا، أو في ما يتعلق بالتلويح بضرورة نقل المهام الحكومية من حكومة الدبيبة إلى باشاغا. واعتبر أبو جزر، أن هذا "هو ما أوصل الأمر إلى حد أزمة حقيقية، ويمكنه أن يؤدي إلى إعادة صناعة الأزمة الليبية بشكل آخر، مع الإبقاء على سمة أساسية، هي الاقتتال الليبي – الليبي".

رمضان أبو جزر، مدير مركز بروكسيل الدولي للدراسات

روسيا تدعم دورها في ليبيا

خلال اجتماع مجلس الأمن، طالبت روسيا بضرورة الإسراع في تعيين موفد جديد للأمم المتحدة، إذ تنتهي مهمة الأمريكية ستيفاني وليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للمنظمة الدولية حول ليبيا، أواخر نيسان / أبريل المنصرم.

وتوقع مراقبون أن يجدد الأمين العام للأمم المتحدة مهمة ستيفاني وليامز في ليبيا، خاصة وأن مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، أثنت على الدور الذي لعبته لحلحلة الملف الليبي، مقابل انتقاد صريح من موسكو للدور الذي باتت ويليامز تلعبه في هذا الملف.

فقد هاجم المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ويليامز قائلًا: "لا نحصل حاليًا إلا على المعلومات القليلة من وليامز، وحاملو القلم في هذا الملف لا يتحلون بالنشاط الذي يتحلون به في مجالات أخرى، ولا نراهم يتحدثون عن العملية الجادة الجارية في ليبيا حاليًا"، في إشارة إلى اختيار مجلس النواب، فتحي باشاغا رئيسا جديدا للحكومة. وأكدت موسكو أن هذا يعد حلا لأزمة طال أمدها، خاصة في ظل  إرجاء تنظيم الإنتخابات التي كانت مرتقبة في الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول / ديسمبر المنصرم.

واعتبر مراقبون أن اختيار روسيا التعبير عن موقفها المؤيد لباشاغا، في اجتماع آثرت القوى الأخرى عدم التعبير، خلاله، عن انحيازها لطرف أو أكثر من أطراف الصراع، يعد مؤشرا على رغبة روسيا في التأكيد على الدور الذي تلعبه في الملف الليبي، وأنها تعد جزءا من الحل لا من المشكل، بينما الحلف الأطلسي، حسب تأكيد ممثل موسكو لدى الأمم المتحدة، هو الذي كان وراء الفوضى التي تغرق فيها البلاد منذ 11 سنة، "ولم تخرج لحد الساعة من دائرة التدمير بسبب تدخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" في البلاد عام 2011"، حسب تعبيره.

ويؤكد رمضان أبو جزر أن موسكو تعد لاعبا حقيقيا في الملف الليبي بحكم وجود قوات فاغنر والعلاقات التي تجمع المسؤولين الروس بمختلف اللاعبين في الملف الليبي وخاصة شرق البلاد. واعتبر مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث والدراسات، أن "روسيا سوف تحاول أن تلعب دورا مهما وأكبر من ذي قبل في الملف الليبي، لحاجتها أن يكون لها حضورا في ملفات دولية مختلفة، وخاصة في ملفات تهم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومنها الملف الليبي، الذي يعتبر أحد الملفات المثلى بالنسبة للسياسة الخارجية الروسية". ويضيف أبو جزر أن "روسيا متواجدة عسكريا في ليبيا من خلال خبراء وعسكريين روس وشركة فاغنر، وهي أيضا منتشرة في دول الساحل والصحراء انطلاقا من الساحة الليبية، وكل هذا يعزز فكرة ألا تتنازل موسكو عن لعب دور هام في ليبيا، خاصة إذا كان ذلك بهدف مناكفة الأمم المتحدة والأوربيين من جهة، ولتعزيز وجودها في دول الساحل والصحراء، من جهة ثانية".

رمضان ابو جزر، مدير مركز بروكسيل الدولي للدراسات

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية