إضاءة

ثلاثة أسئلة بخصوص توقيع المغرب وإسرائيل على مذكرة تفاهم عسكرية

وقع الجيشان المغربي والإسرائيلي، مؤخرا، على مذكرة بشأن التفاهم العسكري، وذلك في أعقاب أول زيارة يقوم بها وفد من الجيش الإسرائيلي للمغرب منذ تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين نهاية عام 2020. ويطرح هذا الحدث الكثير من الأسئلة، نجمل بعضها في ما يلي.

وزير خارجية المغرب ناصر بوريتا يلقي كلمة خلال زيارة وفد إسرائيلي إلى المغرب (22 ديسمبر 2020)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريتا يلقي كلمة خلال زيارة وفد إسرائيلي إلى المغرب (22 ديسمبر 2020) © رويترز
إعلان

هل يتعلق الأمر بتعاون عسكري استراتيجي؟

كشف الجيش الإسرائيلي في بيان أن مذكرة التفاهم العسكري الموقعة بين المغرب وإسرائيل، تعكس الرغبة في "توسيع التعاون" بين البلدين، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة، وبحث إمكانية المشاركة في مناورات عسكرية دولية مشتركة.

ويعتبر الخبير العسكري، العميد ركن هشام جابر أن الاتفاق العسكري بين المغرب وإسرائيل يأتي في وقت تعيش تل أبيب وضعا سياسيا صعبا، بعد بدأ الحرب في أوكرانيا، وتأثر العلاقة بين موسكو وتل أبيب، بسبب موقف إسرائيل من الحرب. وأكد هشام جابر أن إسرائيل باتت محبطة بسبب الاتفاق النووي المرتقب، وأضاف: "لذلك أعتقد أن إسرائيل تتجه نحو تقديم خدمات عسكرية لعدد من الدول، وخاصة الدول العربية، إذ عرضت خدمات عسكرية بدفاع جوي على السعودية رغم عدم وجود تطبيع للعلاقات بينهما"، واستبعد هشام جابر أن تكون لهذا الاتفاق العسكري أبعادا استراتيجية أو إمكانيات دفاع مشترك، خاصة في الوقت الحاضر.

هشام جابر، الخبير العسكري

لكن الشرقاوي الروداني، الأستاذ الجامعي والخبير في الدراسات الجيو استراتيجية والأمنية يعتبر أن الاتفاق العسكري المغربي الإسرائيلي يأتي في سياق جيواستراتيجي دقيق ويكتسي بذلك طبيعة استراتيجية. ويؤكد الروداني أنه "رغم عدم الكشف عن تفاصيل مذكرة التفاهم بالنظر إلى طبيعة المجال العسكري، فإن قراءة للوضع على مستوى العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل، وعلى مستوى تحليل المناخ الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد تجعلنا نستشف حصول تحول استراتيجي يتعلق بإعادة تشكيل تلك العلاقات بناء على رؤية مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا الذي تلعب فيه الولايات المتحدة دورا محوريا، من أجل خلق نوع من الارتكاز في مواجهة ما يسمى بمشروع، أوراسيا الروسي". وبالتالي، يضيف الروداني "فإن التعاون المغربي الإسرائيلي هو تعاون استراتيجي ويمس الجوانب الاقتصادية والاستخباراتية والعسكرية بما فيها دعم الصناعة العسكرية في المغرب".

الشرقاوي الروداني، الأستاذ الجامعي والخبير في الدراسات الجيو استراتيجية والأمنية

ما هو سياق الاتفاق وتفاصيله؟

أعادت الرباط وتل أبيب علاقاتهما الدبلوماسية في كانون الأول/ديسمبر من عام 2020، ضمن عملية التطبيع بين الدولة العبرية وعدد من الدول العربية، والتي تمت بدعم من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وقد توج التقارب بين البلدين بتوقيع شراكات في مجالات التكنولوجيا والأمن والدفاع والاقتصاد والثقافة، كما قام وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2021، بزيارة إلى المغرب، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم أمنية، شملت تنظيم التعاون الاستخباراتي والمشتريات الأمنية والتدريب المشترك. وقد قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية آنذاك إن غانتس وعبد اللطيف لوديي، الوزير المغربي المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالدفاع الوطني، وقّعا مذكرة تفاهم دفاعية رائدة.

ولم تكشف السلطات المغربية والإسرائيلية عن تفاصيل مذكرة التفاهم الموقعة مؤخرا. وجاء في بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أن الوفد استعرض خلال زيارته للمغرب "التحديات الإقليمية والدولية بالإضافة إلى المجالات التي اكتسب فيها الجيش خبرة عسكرية كبيرة، حيث بحث فرص التعاون العسكري في مجالات التدريب والتأهيل بالإضافة الى المجالات العملياتية والاستخباراتية"، كما “استعرض قادة الجيش المغربي هيكلية قوات الأمن المغربية، والتحديات التي تواجهها، وبحثوا الروابط التاريخية والثقافية بين الدولتين والمصالح المشتركة في منطقة الشرق الأوسط، حيث أبدوا رغبتهم في تطوير التعاون العسكري".

وبالعودة إلى اتفاقية التعاون الأمني التي وقعها البلدان خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى الرباط العام الماضي، نجد أنها وفرت إطارا للعلاقات الأمنية بين البلدين، وفتحت الباب أمام بدء تعاون بينهما يشمل التعاون الأمني وتنظيم التعاون الاستخباراتي، والتعاون في مجال الصناعات والمشتريات العسكرية والتدريب المشترك.

وصرح غانتس حينها: "لقد وقعنا الآن اتفاقية إطارية للتعاون الأمني ​​من جميع النواحي مع المغرب، وهذا أمر مهم للغاية سيسمح لنا بتبادل الآراء، والسماح مشاريع مشتركة، والسماح للصادرات الإسرائيلية بالوصول إلى هنا".

هل يفتح الاتفاق الباب أمام تعاون أكبر في المجال العسكري؟

اعتبر مراقبون أن طبيعة الوفد الإسرائيلي الذي زار المغرب، مؤخرا، تعد مؤشرا على الطابع الهام الذي قد تتخذه العلاقات المغربية الإسرائيلية على صعيد التعاون العسكري. فقد ضم الوفد الإسرائيلي شخصيات كبرى، من بينها رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي تال كيلمان المسؤول عن الشؤون الإيرانية، وقائد التعاون العسكري الدولي إيفي ديفرين وكذلك رئيس شعبة العمليات بمديرية المخابرات، والتقوا ب الجنرال دوكور دارمي بلخير الفاروق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية، وقادة الأركان العامة، بما فيهم رئيس هيئة الاستخبارات ورئيس هيئة العمليات.

وبالنسبة للشرقاوي الروداني فإن قراءة التحولات الحاصلة في المنطقة والأحداث الأخيرة، من بينها عقد قمة النقب التي تمت بمشاركة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب وإسرائيل والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة، تكشف عن وجود تحالفات أمنية جديدة ستقوم بإعادة تشكيل ما يسمى بجيوسياسية منطقة الشرق الأوسط الكبير أو الموسع، حسب تعبير واشنطن. وبالتالي، يضيف الروداني "أعتقد بأن هذا التحالف ليس لحظيا، أو يدخل في إطار زمن محدد، وإنما هو تعاون استراتيجي كبير، يؤسس لمحاور وتحالفات استراتيجية، خاصة إذا علما بوجود توافق ما بين المغرب وإسرائيل، يتعلق بالتهديدات التي تمس الأمن القومي المغربي والإسرائيلي تجاه إيران أساسا، لكون طهران أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا، سواء بالنسبة إلى المغرب في رؤيته الاستراتيجية في المنطقة، أو حتى بالنسبة لإسرائيل ولمنطقة الشرق الأوسط، على اعتبار وجود تحالف كبير بين الرباط ودول الخليج".

الشرقاوي الروداني، الأستاذ الجامعي والخبير في الدراسات الجيو استراتيجية والأمنية

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية