تونس بين مطرقة الأزمة الاقتصادية وسندان توصيات صندوق النقد الدولي
أعلن صندوق النقد الدولي أن التقدم المحرز في المفاوضات مع تونس غير كاف لمنح دعم لهذا البلد الذي يعيش أزمة اقتصادية خانقة، وذلك عقب زيارة لتونس، قامت بها بعثة صندوق النقد الدولي، وأجرت خلالها نقاشات حول برنامج السلطات التونسية الإصلاحي.
نشرت في: آخر تحديث:
وتنتظر الحكومة التونسية منذ تشرين الثاني / نوفمبر أن يبث صندوق النقد الدولي في طلب المساعدة الجديد الذي تقدمت به لصندوق النقد الدولي، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد والتي تزداد تأزما، إذ تفوق ديونها ال 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عدا عن معاناتها من نسبة تضخم جد مرتفعة.
بالمقابل، تشترط المؤسسة المالية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، أن تقوم الحكومة التونسية بفرض برنامج إصلاحات اقتصادية وبنيوية يختلف الطرفان على أجزاء عديدة من عناصرها. ويؤكد صندوق النقد الدولي على وجود "تحديات بنيوية كبرى" في تونس، في ظل ما اعتبره "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية".
ويؤكد حسن القبي، الأستاذ في الاقتصاد السياسي بفرنسا، أن تونس باتت تعيش بين المطرقة والسندان: "مطرقة التخلف عن تسديد الديون وإعلان الإفلاس، وسندان صندوق النقد الدولي الذي يضغط عليها لكي تقوم بإصلاحات اقتصادية لتمكينها من الحصول على تمويلات"، واعتبر القبي أن الصندوق لا يأخذ بعين الاعتبار الحالة الاجتماعية والاحتقان السياسي الذي تعيشه البلاد، ويطالب الحكومة بالقيام بإجراءات قد يؤدي الرضوخ لها إلى حالة من الاحتقان السياسي الكبير وربما "الانفجار الداخلي".
ووصف القبي الوضع التونسي بالحرج جدا لكون الأزمة الاقتصادية تتفاقم بينما يطلب صندوق النقد الدولي من السلطات التونسية القيام بإجراءات جد موجعة سواء بالنظر إلى الظرفية الخاصة التي تعيشها تونس أو وضعية الاقتصاد العالمي الذي تأثر بأزمة كورونا ثم بالأزمة الأوكرانية.
حسن القُبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بباريس
فتونس قامت بالعديد من الإجراءات القاسية على مواطن بات يئن تحت وطأة وضعية اجتماعية واقتصادية صعبة وتتواصل منذ سنوات. وقد قامت الحكومة بالفعل برفع الدعم عن المحروقات رغم ارتفاع أسعارها ورفعته أيضا عن مواد غذائية.
ويطالب صندوق النقد الدولي تونس أيضا بتقليص عجز الميزانية من خلال فرض ضرائب وصفها بالعادلة، و"توجيه أفضل للدعم" والقيام بضبط صارم لفاتورة الأجور، في إشارة إلى توصية التخفيف من كتلة الأجور. ويؤكد حسن القبي أن هذه التوصية صعبة المنال رغم أن كتلة الأجور في تونس تعد من بين الكتل الأكبر في العالم، وبرر موقفه بكون أي خفض لمناصب الشغل سيمس شرائح واسعة من المجتمع التونسي في ظل غياب البدائل "ولا يمكن لأي حكومة أن تفكر في الخفض من كتلة الأجور لأن ذلك قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي في الداخل التونسي".
كما يطالب صندوق النقد الدولي تونس بإدخال إصلاحات وصفها بالضرورية والعميقة" على الشركات العامة لتقليص الاختلالات واستعادة القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي، وتشجيع المبادرات التي تهدف إلى تعزيز المنافسة ومناخ الأعمال كوسيلة "أساسية من أجل تحرير إمكانات النمو في البلاد واستحداث الوظائف".
حسن القُبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بباريس
وبالنسبة لحسن القبي، لا حل أمام تونس سوى، من جهة، أن يتفهم صندوق النقد الدولي الوضع الخاص الذي تعيشه والذي يحتاج إلى دعم للخروج من النفق، ومن جهة ثانية، أن تغلق البلاد "العبثية السياسية التي تعيش في ظلها منذ عشر سنوات تحت عنوان ديمقراطية وليدة وجديدة، وتنكب على الإصلاحات الاقتصادية العميقة وتحد من سوء التدبير في العديد من مؤسسات البلاد، وتدفع التونسيين والتونسيات إلى العمل وخلق دينامية إنتاج ونشاط اقتصادي وتنافسية على صعيد المنطقة".
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك