مواجهات مسلحة في طرابلس: هل يوقف السلاح مسار الحل السياسي في ليبيا؟
تجددت الاشتباكات في العاصمة الليبية، وعادت الشكوك تخيم على إمكانيات التوصل إلى حل سياسي في بلاد تعيش حالة من انعدام الأمن والفوضى وعدم الاستقرار منذ التدخل العسكري الذي قام به الحلف الأطلسي وإسقاطه نظام معمر القذافي عام 2011.
نشرت في:
فقد اندلعت اشتباكات نهاية الأسبوع بين فصائل مسلحة متصارعة على النفوذ، وقد وصف شهود عيان الاشتباكات المسلحة بالعنيفة جدا حيث تم استخدام أسلحة "ثقيلة"، وأسفرت المواجهات، حسب مصادر من وزارة الداخلية الليبية، عن مقتل عنصر من المقاتلين وإحداث خسائر كبيرة في العاصمة طرابلس. كما تسببت المواجهات المسلحة في حدوث حالة من الهلع بين سكان المدينة، خاصة وأن دوي انفجارات وتبادل إطلاق نار خصوصا برشاشات ثقيلة سُمع قرب سوق يضم حديقة كبيرة عامة.
وطوال هذا الاسبوع، عكست مواقع التواصل الاجتماعي وشهادات من عاينوا حدة الاشتباكات، تخوفا كبيرا بات يؤرق الشارع الليبي من إمكانيات اتساع دائرة المواجهات بين أكثر من جهة ودخول البلاد في حرب أهلية جديدة، خاصة وأن الكثير من المراقبين ربطوا بين تلك الأحداث والصراع السياسي الذي تعيشه ليبيا بين حكومتين تعتبر كل واحدة منهما أنها هي التي تمتلك شرعية الحكم.
ومنذ أقل من شهر، شهدت ليبيا محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة في طرابلس مقر الحكومة الموقتة التي يقودها الدبيبة، قام بها فتحي باشاغا رئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب والذي يوصف بالمدعوم من طرف رجل الشرق القوي المشير خليفة حفتر. وقد تسببت تلك المحاولة الفاشلة في حدوث معارك بين مجموعات مسلّحة في طرابلس.
غير أن الخبير العسكري والمحلل السياسي الليبي محمد بشير النعاس استبعد وجود علاقة بين ذلك الصراع على السلطة والمواجهات المسلحة التي شهدتها طرابلس. وأكد النعاس في حديث لإذاعة مونت كارلو الدولية أن الاشتباكات المسلحة التي أثارت الذعر في البلاد، هي عبارة عن نزاع بين أفراد تابعين لفصائل أمنية معينة ولا علاقة له بالتصعيد السياسي القائم بين حكومتي فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة.
وقال محمد بشير النعاس إن "الكتائب التي تشابكت في طرابلس كانت تقاتل ضد معمر القذافي أيام حكمه، ثم قاتلت في 2014 ضد مشروع حفتر ثم تقاتلت في طرابلس في مناسبات أخرى". وأضاف انعاس أن تلك الكتائب "لا تعرف الانضباط لكونها أقرب إلى الكتائب الشعبية وينقصها الكثير من الانضباط الأمني الذي يتمتع به الشرطي الرسمي المدرب والمتخرج من الكليات، وذاك الذي يلتزم به الجندي الخاضع لأحكام القانون العسكري".
واعتبر النعاس أن مثل تلك العناصر المسلحة "يُتوقع منها حدوث انفلات بين حين وآخر" مؤكدا أن مثل ذلك الانفلات الأمني حدث وسيتواصل إلى أن تتقوى الدولة وتفرض سلطتها وتفرض سلطة القانون وتجعل كل المسلحين خاضعين للسلطة المدنية.
واعتبر النعاس أن الصراع السياسي القائم بين حكومتين واحدة في طرابلس وأخرى شرق البلاد، "يزيد من تأزيم الوضع وهو عائد أساسا لوجود أطراف أجنبية تغديه خدمة لمصالحها". واعتبر الخبير العسكري أن الأطراف الأجنبية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي تتحكم في منطقة والطرف الروسي في أخرى هي التي تزيد من تأزيم الوضع. وقال: "ليبيا ليست خاضعة لصراع بين قوى سياسية داخلية وإنما بين قوى سياسية خارجية وما لم يتم الاتفاق بين تلك القوى، ستستمر الفوضى في البلاد وسيستمر ضخ الأسلحة التي تشكل تجارة جد مربحة".
محمد بشير النعاس، الخبير العسكري والمحلل السياسي
والجدير بالذكر أن مسار الحل السياسي في ليبيا يراوح مكانه بعد تعذر تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية بسبب خلافات بين الفرقاء السياسيين. وتمس تلك الخلافات جوانب عديدة، من بينها أساسا القانون الانتخابي.
وقد تم الإعلان عن تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، في وقت كان الليبيون يعلقون عليها آمالا كبيرة لتحقيق الاستقرار في بلد ممتد المساحة وغنيا بالنفط ويصل عدد ساكنته إلى سبعة ملايين نسمة. ويعتبر خصوم عبد الحميد الدبيبة بأن ولايته انتهت مع هذا التأجيل، بينما يصر الدبيبة على أن حكومته هي التي تتوفر على الشرعية ويرفض التنحي عن السلطة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك