حملات لإثارة البلبلة والتلاعب بالرأي العام في حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية
نشرت في:
استمع - 09:52
تتطرق نايلة الصليبي في "النشرة الرقمية" إلى الإستراتيجيات والأدوات المستخدمة لنشر الأخبار المضللة خلال الحملة الانتخابية الفرنسية ومن هي الفئات التي تسعى لذلك وأسئلة عن الدور المحتمل لروسيا في عملية التلاعب بالرأي العام.
ندخل الأسبوع الأخير من حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية قبل الجولة الأولى من التصويت. وهذه الانتخابات التي تجري اليوم في ظل وضع دولي متأزم قد تكون الانتخابات وسيلة لمحاولات زعزعة الاستقرار عبر المنصات الاجتماعية.كيف من الممكن أن تنتشر الأخبار المضللة خلال الحملة الانتخابية الفرنسية ومن هي الفئات التي تسعى لذلك وتبقى أسئلة عدة عن الدور المحتمل لروسيا والإستراتيجيات والأدوات المستخدمة.
في حال وجود محاولات لإثارة البلبلة خلال الحملة الانتخابية الفرنسية عبر المنصات الاجتماعية ما هي الإستراتيجيات الممكن استخدامها؟
هنالك العديد من الاستراتيجيات التي شهدناها بالفعل في الانتخابات السابقة، وبالتحديد الانتخابات الرئاسية عام 2017 في فرنسا. عندما تم أولا اختراق النسيج الاجتماعي على المنصات الاجتماعية بحسابات مزيفة. وأيضا من خلال إنشاء مواقع ويب مزيفة، ستبدأ في نشر المعلومات، لمصلحة مرشح ما أو ضد مرشح أخر وهي استراتيجية شهدناها أيضا في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016
الإستراتيجية الأخرى، ربما تذكرين عام 2017 ما سمي حينها، MacronLeaks ، من خلال اختراق البريد الإلكتروني لأعضاء من الحملة الانتخابية لإيمانويل ماكرون و من ثم نشر وثائق مضللة أو العمل على كشف "فضيحة" قبل ساعات فقط من الانتخابات.
أخيرًا، الاستراتيجية الأكثر استخداما هي التلاعب بالرأي العام من خلال المنصات الاجتماعية خاصة تويتر و يوتيوب و غوغل و بالطبع فيسبوك، و نشر الرسائل على نطاق واسع من خلال تنسيق السلوكيات وتنظيم عملية النشر بطريقة متزامنة لإبراز موضوع ما و هي تقنية فعالة تتيح لمجموعة من بضع مئات من الأشخاص بمشاهدة المحتوى الموصي به من قبل خوارزميات المنصات الرقمية و التي بشكل آلي يصبح الموضوع مرئيًا لعدة ملايين من مستخدمي الإنترنت.
من هي الفئات التي من الممكن أن تكون وراء هذه المحاولات لزعزعة الاستقرار؟ فئات خارجية؟ أم أشخاص عاديون يريدون دعم مرشحهم؟ نعرف ان كل شيء ممكن اليوم عبر المنصات الاجتماعية؟
صحيح هنالك الكثير من النشطاء الذين يرغبون بنشر أفكار مرشحهم التي تتناسب وقناعتهم ومن الطبيعي أن ينشطوا الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية لكن هذه الفئة تختلف بشكل جذري عن المحاولات الموجهة والمقصودة للتلاعب بالرأي العام من قبل أشخاص من خارج فرنسا. وهنا مثال روسيا راسخ امامنا اعود واذكر بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 في فرنسا. هذا و لا يمكن إقصاء مجموعات اليمين المتطرف المعولم، و على رأسهم ستيف بانون ومجموعات الـQAnon .
أذكر تماما كيف تم تضخيم رسائل من اليمين المتطرف الأمريكي و بالتحديد تسريبات عن المرشح إيمانويل ماكرون ألتي انطلقت من حساب تويتر لناشط من اليمين المتطرف الأمريكي و تم تداولها من داخل الأحزاب السياسية الفرنسية و أذكر حينها بالتحديد كان فلوران فيليبو في حينها نائب مارين لوبن في حزب الجبهة الوطنية، قبل تغيير اسم الحزب و خروج فيليبو من الحزب، الذي قام بإعادة نشر التغريدة على حسابه بعد 5 دقائق من نشرها على الحساب الأمريكي و نشرها متابعوه بعد ذلك كالنار في الهشيم .
نحن على مسافة أيام من التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. هل هنالك إشارات معينة تدل على محاولات للتدخل لزعزعة المسار الديمقراطي؟
في الواقع منذ أسبوع تقريبا نلاحظ على المنصات الاجتماعية حجم الكبير من المنشورات التي تعتبر أن هذه الانتخابات مزورة وأن استطلاعات الرأي مزورة. وهي مستنسخة تماما عما شاهدناه في الولايات المتحدة بعد فوز جوزف بايدن على دونالد ترامب. ونلاحظ أيضا أن المجموعات التي تؤمن بشكل كبير بنظريات المؤامرة بالتحديد حول فيروس الكوفيد 19 واللقاحات و إدارة الوباء في فرنسا هي نفس الفئات اليوم التي تشكك بغزو روسيا لأوكرانيا، و تتبنى خطاب الكرملين. وبدأت تتصاعد وتيرة المنشورات حول هذه الموضوعات. كذلك نلاحظ انتشار نشر مقاطع الفيديو القصيرة أو الرسائل القصيرة ذات المحتوى Meme الموجه بموضوعات مؤثرة بالمجتمع الفرنسي، كالسترات الصفراء، والوباء ،لاستهداف إيمانويل ماكرون بالدرجة الأولى، ومن ثم مرشحين آخرين لتوجيه الآراء في اتجاه معين.
هل غزو روسيا لأوكرانيا سيدفع في اتجاه نشر هذا النوع من المنشورات على المنصات الاجتماعية؟
هنا لا بد لي من العودة للقدرات الروسية في التلاعب بالمعلومات على المنصات الاجتماعية. ودور "وكالة أبحاث الإنترنت"Internet Research Agency، الروسية، التي أنشئت عام 2013 في مدينة سانت بطرسبرغ، بتمويل وإشراف يفغيني بريغوجينالذي هو أيضا وراء مجموعة فاغنر الشركة العسكرية خاصة و هو "اوليغارشي" مقرب من فلاديمير بوتين.
وكالة أبحاث الإنترنت هي مصنع "البروباغندا" والأخبار المضللة لصالح فلاديمير بوتين التي وجهت لها رسمياً وزارة العدل الأمريكية في شباط/فبراير 2018، تهم مختلفة، من أهمها التآمر لخداع الولايات المتحدة من خلال التدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016. وفي ظل الوضع الدُّوَليّ الحالي، عمل هذه الوكالة سيتضاعف بشدة.
كيف يمكن تفسير هذه القدرة على التأثير عبر المنصات الاجتماعية؟
أعود هنا للتذكير بما أقول وأكتب منذ سنوات طويلة حول تلك العلاقة التكافلية وطيدة التي تربطنا مع التطبيقات المختلفة فنحن بحاجة إليها كما هي بحاجة لبياناتنا. فسهولة استعمال التطبيقات والخدمات جعلت من البشري غير متفاعل وكسول. كذلك، تولد اللايكات والمشاركات على المنصات الاجتماعية مشاعر سعادة أو اكتئاب أكثر من مرة في اليوم.
وكان المثال مع عملية شركة كامبريدج اناليتيكا، التي من خلال استخدام الأخبار المضلِّلة، كانت الأداة أو الأسلوب لتحريك بعض الناخبين وجعلهم منيعين وغير قابلين لتقبل أو فهم الرأي الواقعي والصحيح. فبخلاف التلفزيون يمكن لمن يودون التلاعب بمشاعر المستخدمين أن يصلوا مثلا للناخب مباشرة من خلال هاتفه الذكي، وفي الوقت الذي يكون فيه في أقصى درجات الضعف السيكولوجي /النفسي. فهذه التقنية التي كانت مستخدمة للإعلانات، إي لاقتراح ما يهم المستخدم بدأت تستخدم لتغيير تصرفات المستخدم لكي يهتم بأمور معينة، وعند بَدْء تطبيقها في السياسة تصبح أداة مخيفة و تعرف اليوم بعقيدة Gerasimov ، وهو الرئيس الحالي لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية ونائب وزير الدفاع الأول.
عقيدة استخدام الدعاية في العالم الحديث كحرب هجينة كما يقول فاليري جيراسيموف :"الدولة المزدهرة تمامًا يمكن، في غضون أشهر، حتى أيام، أن تتحول إلى ساحة نزاع مسلح شرس، وتصبح ضحية للتدخل الأجنبي، وتغرق في شبكة من الفوضى والكارثة الإنسانية والحرب الأهلية ".
هذه العقيدة تعيد تعريف المفهوم الحديث للصراع بين الدول والحرب التي تتساوى باستخدام الأنشطة السياسية والاقتصادية والمعلوماتية وغيرها من الأنشطة غير العسكرية. أصبحت العقيدة معروفة بعد نشرها في فبراير 2013 والإجراءات اللاحقة لروسيا فيما يتعلق بأوكرانيا، حيث تكمن العناصر الأساسية لعقيدة جيراسيموف في أساس مفهوم حرب الجيل الجديد. واستخدام تقنية المعلومات وغيرها لزعزعة العدو من الداخل عن طريق التلاعب بالرأي العام. وزرع الشقاق في الدول.
يمكن الاستماع لـ "بودكاست النشرة الرقمية" على مختلف منصات البودكاست. الرابط للبودكاست على منصة أبل
للتواصل مع #نايلةالصليبي عبر صفحة برنامَج"النشرة الرقمية"من مونت كارلو الدولية على لينكد إن وعلى تويتر salibi@ وعبرموقع مونت كارلو الدولية مع تحيات نايلة الصليبي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك