خبر وتحليل

إسرائيل واستهداف المجتمع المدني الفلسطيني

نشرت في:

قامت قوات الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، باقتحام مقرات سبع جمعيات أهلية في الضفة الغربية واحتجزت معداتها ثم أغلقتها بالشمع الأحمر على خلفية اتهامها بتعاطي نشاطات إرهابية وذلك بعد أن تم تصنيفها ضمن قائمة الجمعيات الإرهابية منذ نوفمبر الماضي.

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية © رويترز
إعلان

وقد أثارت الخطوة الإسرائيلية استغراب الدول الأوروبية التي تعتبر المانح الأول لهذه الجمعيات كما أثارت حتى قلق الإدارة الأمريكية بالرغم من أنها لا تقدم دعما ماليا.

في جانب اول، تعد الخطورة الإسرائيلية تعديا على أراضي خاضعة للسلطة الفلسطينية حسب اتفاقيات السلام لسنة 1993. وفي ذلك توسيع لنطاق المواجهة مع الفلسطينيين خارج قطاع غزة الذي شهد مؤخرا مواجهات عنيفة قبل إعلان وقف إطلاق النار.

والحقيقة، أن هذه الخطوة الإسرائيلية التي تستهدف السلطة الفلسطينية في رام الله لم تكن مبررة لا سياسيا ولا أمنيا. غير أن الحكومة الجديدة في تل أبيب ربما أرادت استغلال التصعيد الأخير في غزة لإضعاف السلطة الفلسطينية من خلال تقديمها وكأنها تدعم الأنشطة الإرهابية في الأراضي الخضعة لها. وهي ربما في حاجة إلى ذلك في ظل الدعوات للعودة لمفاوضات السلام خاصة من طرف الرئيس الأمريكي جو بايدن.

من جهة ثانيا تعتبر هذه الخطوة الإسرائيلية تحديا لدول صديقة لها مثل دول الاتحاد الأوروبي وهي من أكبر ممولي المجتمع المدني الفلسطيني.

فقد أعربت أغلب هذه الدول على مواصلة دعمها للجمعيات المستهدفة خاصة وأنها تراقب كل التمويلات التي ترصدها كما أن السلطات الإسرائيلية لم تقدم أدلة على صحة اتهاماتها.

لكن لا نستبعد هنا أيضا أن تكون السلطات الإسرائيلية تهيء لإمكانية عودة مفاوضات سلام عبر إرسال رسائل إلى دول الاتحاد الأوروبي التي سوف تجد نفسها محرجة أمام الطرف الإسرائيلي. فاتهام الجمعيات الأهلية الفلسطينية يعني بطريقة غير مباشرة أن الدول الأوروبية المانحة تمول جمعيات إرهابية.

بعيدا عن هذه الحسابات الآنية الممكنة، يندرج غلق الجمعيات الفلسطينية في إطار توجه استراتيجي إسرائيلي قديم متجدد، يحاول أن يمنع قيام أية ملامح لكيان فلسطيني يمكن أن يساعد عل قيام دولة فلسطينية مستقلة.

وتعد مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني من أهم مقومات هذا الكيان خاصة وهو يعطي صورة إيجابية عن المجتمع الفلسطيني بعيدا عن صورة الإرهاب.

لا ننسى أيضا دور هذه المنظمات الأهلية في دعاية مضادة للرواية الرسمية الإسرائيلية من خلال فضح التعديات على حقوق الإنسان الفلسطيني التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي. كل هذه المعطيات تجعلنا نتساءل عن مدى جدية سلطات تل أبيب في البحث عن سلام دائم بين دولتين.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية