من أهم المآخذ التي تأخذها منظمات المجتمع المدني التي تُعنى بالبيئة والتنمية المستدامة على قمم المناخ العالمية منذ عقود أن كل صاحب قرار من القرارات السياسية في الأسرة الدولية من الذين يشاركون فيها يركز خلالها عن أمرين اثنين أولهما أن التحدي المناخي تحد كبير وأنه لابد من تضافر الجهود الدولية لمحاولة كسبه. أما الأمر الآخر الذي يصر عليه كل رئيس دولة أو رئيس حكومة يشارك في مثل هذه القمم فهو الإسهاب في الحديث عن انخراط هذه الدولة أو تلك في منظومة الاستدامة التي تقوم على تعزيز علاقة مترابطة بين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المسار التنموي.
وبينما يؤكد الأمناء العامون الذين تعاقبوا على منظمة الأمم المتحدة خلال السنوات العشرين الأخيرة على أهمية التحرك الملموس عبر تعزيز سلوكيات الإنتاج والاستهلاك والسياسات الوطنية المتصلة بالتنمية المستدامة، لا يزال قادة العالم يسهبون في تكرار ملاحظة لا يختلف بشأنها خبراء المناخ الجادون ومفادها أن ظاهرة الاحترار المناخي تحتد سنة بعد أخرى وأن عواقبها وخيمية. ولا يزال هؤلاء القادة ينسبون إلى أنفسهم إجراءات ومبادرات تظل في غالبيتها نوايا حسنة ليس إلا.
في هذا السياق تحدث عدد من قادة دول الاتحاد الأوروبي في قمة المناخ الافتراضية التي عقدت يوم الثاني عشر من شهر ديسمبر -كانون الثاني عام 2020 بمناسبة مرور خمس سنوات على التوقيع على اتفاق باريس حول المناخ عن القرارات التي اتخذوها لرفع سقف التزامات دولهم في ما يتعلق بالحد من الانبعاثات الحرارية. وكذا فعل الرئيس الصيني ورئيس وزراء الهند وغيرهم. ولكن هذه القرارات تظل في نهاية المطاف مجرد نوايا حسنة لأنها تتعلق بالمدى المتوسط ولأن المسؤولين الكبار في غالبية البلدان الصناعية وذات الاقتصادات الناشئة كالصين والهند والبلدان النامية يعلمون أن عملية رفع سقف الالتزامات على الورق ليست عملية صعبة على خلاف ما هو عليه الأمر بالنسبة إلى رفع سقف المبادرات والإنجازات الفعلية التي تحققت في مجال الحد من الاعتماد على مصادر الطاقة الملوثة وتوسيع دائرة الاعتماد على مصادر الطاقات الجديدة والمتجددة.
وهناك اليوم شبه إجماع لدى منظمات المجتمع المدني بأن أهم ما طبع قمة المناخ الافتراضية التي عقدت يوم الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2020 هو ما قاله الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن من أن قرار عودة بلاده الفعلية إلى اتفاق باريس حول المناخ سيتم يوم العشرين من شهر يناير -كانون الثاني عام 2021 أي يوم استلام مهامه في البيت الأبيض خلفا لدونالد ترامب. ولكن بقدر ما ارتاحت منظمات المجتمع لهذا القرار، بقدر ما لدى الناشطين فيها قناعة بأن القمة الاستثنائية العالمية التي قال جو بايدن إنه سيدعو لعقدها خلال أيامه المائة في الحكم ستكون من جديد سوقا للنوايا الحسنة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك