تشهد الحياةُ الحزبية في العراق سيطرةً شبه كاملة لما يُعرف بالإسلام السياسي بعد سقوط نظام صدام حسين عام ٢٠٠٣، ورغم أن الأحزابَ الليبرالية تمتلك تاريخاً أكبر وحضوراً نخبوياً، إلا أنها ليست مؤثرة مقارنة بالأحزاب الإسلامية.
يقول المحلل السياسي الأستاذ نجم القصاب مُتحدثاً لمونت كارلو الدولية:
" مَن دمر الشيوعية في عالمنا العربي هي الأحزاب الإسلامية المتشددة، هناك بعض رجال الدين أعطوا فتوى بمن يتعامل مع الأحزاب الشيوعية أنهم ملحدين وكفرة. والمجتمعات الشرقية تقتنع بكلام رجال الدين مما جعل الشيوعية تتأخر كثيراً، الاتحاد السوفيتي نفسه عندما انهار وتفكك أعطى صورة سلبية لبعض الشيوعيين في أنحاء العالم، لكنني أرى أن المجتمعات العربية والمجتمع العراقي بدأ ينظر إلى الحزب الشيوعي بأنه نزيه، ليس قاتلاً، لا يملك مليشيات، لا يسرق أموال الناس، يدعو إلي الدولة المدنية، هذه الأمور تجعل الناس تعيد حساباتها الخاطئة."
والنفورُ المجتمعي من الأحزابِ الاسلامية دفعَ بعضها إلى التغيير من سلوكها، فهي تحاولُ الآن أن تجمع بين عباءة الدين والمدنية في آن واحد.
الدكتور مناف موسوي، مدير مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية يقول:
" اليوم تشكل دعوة الزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر إلي عملية نزع السلاح أو حصره بيد الدولة، وإعادة هيبة الدولة ومحاسبة الفاسدين أعتقد أنها طرحٌ لحزب إسلامي ولكن بالنتيجة يتفق معه جميع الليبراليين والمدنيين، وبالتالي هذه إشارة واضحة إلى أن العمل لا يقتصر على حزب معين أو جهة معينة."
ويضيف موسوي أن الصدر يقدمُ مشروعاً مدنياً على الرغم من أنه رجل إسلامي وتياره بالتأكيد هو إسلامي، بالنتيجة اليوم العمل على إيجاد آليات حقيقية في بناء الدولة العراقية، لكن هناك اعتراض من بعض الكتل وبعض الفصائل التى تحمل السلاح وترفض تسليمه، وباعتقادي إذا حدث تعاون مع رؤية الصدر من الممكن تأسيس آلية مدنية جديدة وفق التعددية الموجودة سواء كانت إسلامية أو ليبرالية أو علمانية."
لعبت انتفاضة تشرين 2019 دوراً مهماً في إسقاطِ هيبة الأحزاب الإسلامية، إلا أن المناخ الحزبي مريض وغير متكافئ في ظل سيطرة أذرع بعض الأحزاب على مقدرات الدولة.
أستاذ عُمر السراي شاعر وكاتب يقول:
"هناك متسع لبعض الأحزاب لكن تظل الأحزاب الاسلامية أكثر تحكمًا في مقدرات البلد، لذلك من الصعب على الأحزاب الحقيقية أن تتنفس الوجود في ظل هذه التجربة، ربما الشرعية الثورية لإيقاف نفوذ الأحزاب المتنفذة هو الحل الوحيد وصولاً إلي نقطة شروع واحدة أعطي الشعب العدالة بهذا الجانب."
ويضيف السراي " إن التكفير موجود وتسقيط الآخرين، لكني أظن أن المستقبل يسير نحو انتصار القوى المدنية بعد فترة حكم سوداء للإسلام السياسي الذي جربته الشعوب ولم تعد تؤمن به بعد."
نجاحُ الحركاتِ السياسية المنبثقة عن تشرين في الانتخاباتِ البرلمانية الشهر الماضى إضافةً إلى المستقلين، اعتبره الكثيرون انتصاراً حقيقياً قد يغيرُ معادلةَ القوى بين التيار الديني والمدني في السنوات القادمة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك