مشيت في البلدة القديمة في القدس بدء بباب الأسباط وصولا الى سوق القطانين، ومن باب خشبي شاهق دخلت خان تنكز الذي شيد بالفترة المملوكية بعمارتها الجميلة وازدهار مناحي الحياة فيها.
قوس حجري فوق الباب الخشبي المزين بنقوش وكتابات منها نقش على شكل دائرة بداخله كأس دلالة على وجود حمامي العين والشفا الأثريين في هذا الخان الذي يطل سطحه على جزء قبة الصخرة الذهبية. تخيلت كيف كان التجار والحجاج والعلماء يصلون بعد أشهر من السفر الى القدس، يقومون بأعمالهم ويستخدمون حمامي العين والشفا وبعدها يذهب البعض للصلاة او التجارة او الدراسة وغيرها.
اليوم الخان فارغ من الحركة والحياة، وغالبية محال سوق القطانين مغلقة. توتر كبير وجنود ومستوطنون لدرجة أنك قد لا تصدق ان المكان، كان في يوم من الأيام، بيت استراحة هادئ وجميل وشافي للناس يضج بالأحاديث والتفاعل.
التقيت بالمرشد السياحي خضر نجم، وحدثني عن أهمية هذا الخان وعن القوافل وعن ارتباط هذا الخان بتفاصيله بمناطق أخرى بالعالم، منها مصر والشام وسمرقند وغيرها. وحدثني كيف اغلق الجيش الاسرائيلي حمام العين والشفا، بعد احتلاله للبلدة القديمة.
زرت ايضا هدى الإمام، التي تملك ذكريات كثيرة في هذا الخان. عملت فيه اعواما طويلة، حين أسست مركز دراسات القدس التابع لجامعة القدس عام ١٩٩٨، بعد ترتيبات مع وزارة الأوقاف الإسلامية.
حدثتني كيف عملت على تنظيف حمام العين والشفا ما أمكن، وكيف تمنت لو يعودا كحمامين لاستخدام أهل المدينة. حدثتني عن صعوبات كثيرة، من بينها تغير ثقافة الناس واولوياتهم وكذلك التوتر الكبير في تلك المنطقة تحديدا. لتقرر تحويل الحمامين كمساحة ثقافية، قدمت الكثير من التفاعلات الفنية والأكاديمية بشكل اسبوعي، وعلى مدار أعوام. الأمر الذي ساهم في إعادة بعض الحياة للمكان، بعودة الناس وحضور الفنانين. موسيقى، نقاشات، مفكرون، معارض فنية وغيرها. هدى سعت لترميم الحمامين الأثريين وغادرت عملها مع بدء ترميمهما بتمويل الاتحاد الأوروبي عام ٢٠١٥. انتهى الترميم عام ٢٠١٨، لكن حين زرت خان تنكز تفاجأت بهما مغلقين تماما، لا فعاليات، ولا زوار. الأمر الذي أحزنني كثيرا، فحال هذا المكان الأثري الجميل يشبه حال مئات المواقع.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك