نخصص حلقة هذا الأسبوع من برنامج "قرأنا لكم" لدراسة لافتة صدر عام 2014 وصدرت مؤخرا في طبعة جديدة لأهميتها الشديدة في سياق الغزو الروسي لأوكرانيا وهي مخصص لشخصية وسيرة ومسار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعنوان "داخل رأس بوتين" للباحث الفرنسي ميشال إلتشانينوف وصدر عن دار "آكت سود". واذا كانت هذه الدراسة صدرت بعد التدخل الروسي في القِرَم وفي سوريا فإنها تأخذ أبعادا جديدة على ضوء قرار بوتين بغزو أوكرانيا وإعادة شبح الحرب في عمق الأراضي الأوربية.
ويعتبر الباحث أن بوتين الذي بدأ مسيرته المهنية كمخبر في جهاز الاستخبارات تحول بعد صعوده الى سدة الرئاسة عام 2000 إلى شخصية محافظة قبل أن تطغى على تفكيره نزعة امبريالية متأثرة بتاريخ الإمبراطورية الروسية وسير القياصرة المؤسسين للدولة وصار مسكونا بهاجس تحويل مسار تاريخ روسيا واستعادة أمجادها القديمة.
ويسجل الباحث أيضا أن بوتين صار يضع نفسه ممثلا لمحور محافظ مناهض للغرب الليبرالي والايديولوجيا المضادة للمسيحية. ومن بين ما قاله:
"فلاديمير بوتين وصل الى الرئاسة الروسية عام 2000 وبقي فيها حتى الآن لمدة تفوق اثنين وعشرين عاما وقام بتغيير الدستور لكي يبقى في الحكم حتى نهاية ألفين وستة وثلاثين. وفي بداية عهده في مستهل الألفين كان بوتين يقدم نفسه كرائد للتحديث في سياق كانت تعرف فيه روسيا أزمة اقتصادية خانقة بعد عقود من الحكم الشيوعي ووعد بتغيير في الاقتصاد والتصنيع والتكنولوجيا كي تصل روسيا الى مصاف الدول الغربية وتستعيد هيبتها وقوتها على الساحتين الداخلية والخارجية. وهذا ما نجح فيه الى حد كبير. غير أن هذا الخطاب لم يدم سوى ثلاث أو أربع سنوات. وكانت نقطة التحول الرئيسية هي اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في جورجيا وأوكرانيا التي اعتبرها مؤامرة غربية ضد روسيا ومحاولة لتطويقها بنظم ديمقراطية موالية للغرب.
من الصعب جداً اختصار مسيرة الرئيس بوتين في استعادة روسيا لقوتها وهيبتها، على مدى أكثر من عقدين. من محاربة الفساد والتدخلات الخارجية في روسيا وإصدار القوانين المتعلقة بها.
وأبدى بوتين هوسا استثنائيا في مواجهة ما يعتبره محاولات غربية لهدم روسيا من الداخل، فصار يكن العداء للغرب وشعاراته المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الانسان والأقليات التي أطاحت بعدة أنظمة في العالم.
وابتداء من عام 2010 ضاعف بوتين من انتقاداته للغرب الذي بات يعتبره نظاما منحلا على المستوى الأخلاقي والقيمي معتبرا اقترابه من الحدود الروسية تهديدا خطيرا ومباشرا للأمن القومي. وشرع بوتين للترويج لمفهوم الطريق الروسي وهو مفهوم فلسفي كان برز في روسيا خلال القرن التاسع عشر وكان ينادي بضرورة انتهاج خصوصية روسيا للتطوير والتحديث تعتمد على مقومات الشخصية الروسية السلافية."
ميشال إلتشانينوف باحث متخصص في الفلسفة والفكر الروسيين وهو رئيس تحرير "المجلة الفلسفية" وله عدة دراسات أخرى عن روسيا من أبرزها "دوستيوفسكي: رواية الجسد" و"لينين الذي مشى على سطح القمر".
وكل كتاب وأنتم بخير...
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك