في مدونة سابقة تحدثت عن قراري بالابتعاد عن متابعة السياسة، والتركيز في التغيير، ولكن بطريقة أكثر فعالية، فبدلاً من المحاولات غير المجدية في التغيير الخارجي، قررت أن أركز على التغيير من الداخل، تغيير ما في نفسي من أفكار ومشاعر.
عندما يقال أن الجنة والنار موجودتان على الأرض، فهذا صحيح، فهناك من يعيش حياته في قلق، وخوف دائم، وكل تركيزه في متابعة ما يحدث خارج نفسه، ونسي أن يسأل نفسه "كيف الحال؟"، هذا يعيش في جهنم لا تنطفئ إلا بموته.
وهناك من يعيش في نعيم الجنة، ورغم أننا أقلية إلا أن العدد في تصاعد، نعم لم تخطئ في القراءة، أنا حالياً أعيش في الجنة، لا أقصد أنني أعيش في أوروبا، فهناك الكثيرون ممّن يعيشون في أوروبا، وحياتهم لا زالت في جحيم. اذاً ماذا تقصدين يا هند؟
الجنة التي أعيشها موجودة بداخلي، هو اختيار قررته في بداية عام ٢٠٢٠، بأنني لا أريد أن أعيش في معاناة بعد اليوم، عانيت بما فيه الكفاية ويومها قلت Stop إلى هنا وكفى.
كان قراراً صعباً، فالمعاناة إدمان، وأنا كنت مدمنة للمعاناة، مدمنة جداً، أبحث عنها في كل مكان، وتسحب مني، ومن طاقتي وجهدي.
ولكنني، وبعد اتخاذ قراري قررت أن أحيط نفسي بكل الدعم الذي ساعدني على الاستمرار في هذه الرحلة، التحقت بدورات، وجلسات، وقرأت، وشاهدت فيديوهات، وتعرفت على مجتمع جديد فيه أشخاص مثلي، جميعهم يعيشون في جنتهم.
كنت اتساءل كيف ستكون ردة فعل الناس عندما أغير حياتي، كتاباتي، تغريداتي، تصرفاتي، هل سيقبلوني؟ هل أنا مهتمة بقبولهم لي؟ هل حياتي أهم أم تقبل الآخرين؟ الجواب بالطبع حياتي أهم.
وجدت نفسي
ما مررت به، وأوصلني إلى قاع المعاناة جعلني أتخذ هذا القرار، أريد أن أفعل ما أحبه وليس ما يفعله الآخرون، لا يهم بأن أنسلخ عن جلدي إن كان جلدي هذا محترقا ويعاني، الأصح هو الانسلاخ، والعودة بجلد جديد.
هذه أنا.. أدرس دورات تدريبية في تغيير الذات، وبدأت منظمة جديدة هدفها أن ننفع العالم، ونغير ما بأنفسنا ليتغير ما حولنا. جرب وقرر بأن تتوقف عن إدمان المعاناة، وتلتحق بجنتك، جنتك على الأرض.
هند الارياني، صحفية وناشطة اجتماعية، مدافعة عن حقوق المرأة والطفل، حاصلة على جائزة المرأة العربية لعام ٢٠١٧.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك