من خصوصيات حياتنا السياسية الحالية البائسة أننا محكومون، ليس فقط من فاسدين ولصوص ووقحين وكذبة وقتلة، بل أيضاً، بل خصوصاً، من جهلة. كيف لا وكل يوم يتحفنا واحد من عباقرة هذه الطبقة "العظيمة" برأي أو تصريح أو موّال، أقل ما يقال فيها إنها مثيرة للشفقة، كي لا أقول الاشمئزاز. أحدث هذه الإنجازات تشبيه رئيس حكومة لبنان، الميقاتي النجيب، الاحتفال بالاستقلال كاحتفال المرأة المطلِّقة بزواجها: نعم، المرأة المطلّقة، تلك "المسكينة المفجوعة" التي لو صبرت وأصرّت على "التفاهم"، لما كانت تطلّقت، ولكانت ظلت مستورة مع ولي نعمتها. طيّب شو بدو يحكي الواحد أمام مستوى كهذا من اللافهم، واللاذوق، واللااحترام؟
في أي حال، للنجيب باع طويل في هذا النوع من التصريحات المضحكة المبكية. ألم يقل منذ أيام مثلاً أنّه يعمل بيديه ورجليه، وليل نهار، ليجعل مواطنيه سعداء؟ طبعاً، لم يخبرنا دولة الرئيس ما هي تفاصيل وحيثيات الخطة المبكّلة التي وضعتها حكومته المبجلة لنقل اللبنانيين من الحالة المأسوية التي يكابدونها إلى حالة السعادة والنيرفانا. ربّما حمل معه، ولا بدّ، من أسفاره المكوكية، فانوسًا سحريًّا كالفانوس الذي كان يحمله علاء الدين، وتحدثت عنه الحكايات الأسطورية والتخريفية.
هات، أخبرنا يا ميقاتي، كيف ستجعل شعبكَ سعيدًا؟
أبالحكومة التي ولدت ميتة؟
أم بسعر صرف الليرة الذي أين منه قفزُ الأبطال الأولمبيين؟
أم بالعلاقات الأخوية الحميمة مع أشقائنا وشقيقاتنا؟
أم بآرائك وآراء زملائك الذكورية الجديرة بالقرون الوسطى؟
لا بدّ أن يكون الميقاتي قد تأثر بخطاب رئيس جمهوريته الذي وعد مواطنيه، أي ابناءه – باعتباره بيّ الكلّ – بأن السنة الأخيرة من عهده ستكون عن حقّ وحقيق سنة الإصلاح والتغيير التي ستنتشل اللبنانيين من قعر اليأس والإحباط، وترفعهم إلى حيث الأمل والبحبوحة ويا عين.
هل تعلم يا ميقاتي كيف يمكنكم، أنتم أهل هذه الطبقة السياسية، أن تجعلوا هذا الشعب سعيدًا؟
سهلة: طلّقونا وريّحونا!
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك