أنا سأقرر طبيعة الأفلام التي تستحق أن تشاهدها، والأغاني التي يمكنك الاستماع لها، والإذاعات التي يحق لك متابعتها والمواقع التي تليق بصورة بلدنا ومجتمعنا وديننا وثقافتنا. هذا ملخص لبعض النقاشات التي نتابعها اليوم. نقاشات ومحاكمات وقرارات نقابية وتأديبية حول منع مغنيين من الغناء والمرور في الإذاعات، باسم الحفاظ على الفن الجميل. وهذا والله عبث...
قد لا نحب أغاني المهرجانات وقد لا نطرب لها. لكنه من العبث أن نقرر منعها باسم الحفاظ على الذوق. أمام الجمهور أشكال موسيقية مختلفة من طرب كلاسيكي إلى جاز إلى أغاني الثمانينيات والتسعينات إلى هيب هوب إلى راب.
هناك من يحب فيروز ومن تطربه صباح أو هيام يونس، من يستمع لأغاني ناس الغيوان ومن يستطلف سميرة سعيد. هناك عشاق لعبد الوهاب الدكالي وعشاق لعبد المجيد عبد الله أو نعيمة سميح. هناك من يحب إليسا ومن يفضل هيفاء وهناك من لا يسمع إلا لأم كلثوم... وهناك من يطرب للاستماع لكل هؤلاء، حسب اللحظة والإحساس...
بأي حق نقرر ما الذي يحق للآخر الاستماع له، باسم فن راق وآخر غير راق؟
لسنا مجبرين على الاستماع لبعض الأغاني الجديدة التي تطرح في السنوات الأخيرة. لكن العبث والتخلف فقط يمكنه أن يعطينا الحق في أن نقرر أيها يستحق المتابعة أكثر من غيرها.
منذ أزيد من عشر سنوات، قامت تيارات إسلامية في المغرب ومصر بحملة ضد بعض الأفلام السينمائية تحت شعار " الفن النظيف" وباسم الدفاع عن الهوية.
الحملة الحالية ليست أقل تطرفا من حملة الفن النظيف.
على كل الساحات الفنية عبر العالم وفي كل الأشكال التعبيرية، ستكون هناك تعبيرات مختلفة نستلطف بعضها ولا نحب البعض الآخر وقد نعشق بعضا ثالثا... لكن هذا لا يعطينا الحق في منع ما لا نحبه، إن توفرت لنا السلطة لذلك.
الفن لا يُقَيم عموديا: هذا أفضل من ذاك..
الفن لا يمكن أن يُقَيم إلا بشكل أفقي: هذا النمط مختلف عن النمط الثاني. ولكل منا نمطه المفضل.
اتركوا لكل فرد الحق في اختيار الموسيقى التي يحبها... لأنكم بمنعها، لن تجعلوه يحب موسيقاكم!
سناء العاجي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك