لماذا قد يُبرر أحدٌ العنف؟ لماذا يمكن أن يجد أحدٌ العنف مقبولاً أو مطلوباً في حال من الأحوال، ضد أي كائن حيّ؟ خاض مئات المثقفين والأكاديميين نقاشات، وقدموا دراسات نفسية وعلمية، ليُبرهنوا أن العنف لا طائل منه، ولا يولّد إلا عنفاً. رغم كل ذلك، ها هو يستمر، وبوتيرة تصاعدية، وخصوصاً ضد النساء. تعنيف المرأة ما زال يعتبر أمراً عادياً في العالم العربي، إن لم نقل مبرّراً، مهما ترتّب عليه من نتائج مؤذية، ولوائح المحاكم وصفحات الجرائد تفيض بأسماء النساء اللواتي يُضربن، يُقهرن، وحتى يُقتلن لأهون الأسباب.
لكنّ الأدهى أن هذا العنف ضد النساء لا يحدث عرضيًا أو مصادفةً، وإنما جرّاء تمييز جندري متجذّر ينبغي التصدّي له تشريعيًا وإداريًا وأخلاقيًا. بدلاً من ذلك، تصطدم النساء باستمرار بمَن يدعوهن إلى التصبّر والتحمّل والمكابرة بالصمت، أكان هؤلاء الأهل أو الأصدقاء والصديقات أو رجال الدين طبعا. هم لم يعوا بعد أن قمع المرأة وترهيبها يقودان إلى تخلّف المجتمع كله.
يقول المفكر العراقي علي الوردي: "المرأة هي المدرسة الأولى التي تتكون فيها شخصية الإنسان... والمجتمع الذي يترك أطفاله في أحضان امرأة جاهلة، لا يمكنه أن ينتظر من أفراده خدمةً صحيحة أو نظراً سديداً". فعلاً، ولأجل ذلك لا بدّ من السؤال: ماذا عن مجتمعٍ يضع أطفاله في أحضان أمّ خائفة، معنّفة، بائسة؟ أيّ قيمٍ ستُكرّسها هذه التربية؟ وما هي الكلفة الثقافية والسوسيو- اقتصادية جراء ترهيب النساء وأذيتهنّ؟ في ظلّ استمرار هذا التعنيف، الذي يُسمّى "أسريًا" للتخفيف من حدّته، نسأل عن مسؤولية الأنظمة في سنّ القوانين الرادعة وعن الجهود في هذا المجال، كما نسأل عن دور المؤسسات التربوية والإعلامية في هذه المعاناة. ترى ألم يحن الوقت بعد لكي نتخلّص من هذه الآفة؟
سؤال في رسم الجميع بلا استثناء.
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك