أمام كل إحصائية جديدة، تتناثر التعليقات على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي: "لقد انتشر الطلاق، يا إلهي! هذا تهديد للأسرة. ما مصير الأولاد؟ الرجال والنساء أصبحوا أنانيين لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية!".في الحقيقة، الطلاق في حد ذاته ليس أمرا كارثيا.
من المؤكد أن معظم الناس، حين يقررون الزواج، لا يتوقعون الطلاق. يبنون آمالا وتوقعات لحياة طويلة مشتركة وأسرة وأطفال. لكن، يحدث أن تقع الاختلافات والمشاكل بشكل تستحيل معه الحياة، لأسباب تتعلق بالزوجين نفسيهما وأحيانا لأسباب خارجية. فهل، لكي نرضي صورة مثالية عن الزواج والأسرة المتماسكة، سنطالب هذين الشخصين بالاستمرار معا رغم الخلافات والاختلافات؟
هذا لا يعني بتاتا دعوة للطلاق أمام حدوث أول المشاكل. لكن، لنكن موضوعيين، هناك حالات تصبح فيها الحياة المشتركة مستحيلة.
حتى حجة مصلحة الأطفال التي يفترض أن تبعد الزوجين عن خيار الطلاق، هي حجة مغلوطة. بالفعل، مهم جدا بالنسبة للأطفال أن ينشؤوا في ظل أسرة متماسكة. لكن، في حالات كثيرة، يكون الطلاق حلا أفضل للأطفال أنفسهم؛ لأنهم يعيشون في جو من العدوانية والصراعات، ليس في صالحهم نفسيا وتربويا واجتماعيا.
الحقيقة أن إشكالية الطلاق يفترض أن تطرح أسئلة أخرى، ليست بالضرورة مرتبطة بتفكك الأسرة وأنانية الزوجين المفترضة. السؤال الأول هو: كيف نضمن مصلحة الطفل، حتى في إطار الطلاق؟ بمعنى أنه، بعد أن نتفق على أنه ليس من مصلحة الطفل أن يعيش في جو مكهرب وبين والدين يحاربان ويكرهان بعضهما، علينا أيضا أن نتفق أن الخطأ الذي يرتكبه بعض الآباء ليس هو اختيار الطلاق، لكنه استعمال الأطفال في الحرب ضد الآخر، كمنع زيارة الأب للأبناء مثلا، أو حرمانهم من النفقة عقابا للأم أو شحنهم بالكراهية ضد الآخر...
يحتاج الوالدان اللذان يختاران الطلاق أن يعيا بشكل جيد أنهما المعنيان الوحيدان بالانفصال وليس الأطفال.
السؤال الثاني مرتبط بالزواج نفسه وليس بالطلاق. قراءة موضوعية لواقعنا المجتمعي، تبين أن الضغط الذي يمارس على أفراده، وتحديدا على النساء، بهدف الزواج، هو الذي يتسبب في تكوين زيجات غير منسجمة هدفها الأسمى هو الزواج في حد ذاته. يصر الطرفان، وتحرص النساء تحديدا، على الزواج بأي ثمن... فينخرطون في مشاريع علاقات قد تكون مسمومة ومضرة لهما وللآخر. وهنا، يكون الطلاق هو الحل.
لذلك، فمساءلتنا لا يجب أن تكون للطلاق فقط... لكن في نظرتنا للزواج نفسه، ليس بهدف إلغائه، لأن هناك الكثيرَ من الأزواج السعداء بزواجهم... بل لمساءلة الضغط المجتمعي الذي يدفع الأفراد للزواج بأي ثمن، فيكون الحل مدمرا لهم وللآخر وللأطفال أحيانا!
سناء العاجي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك