غريب هذا الرهاب من المثلية الذي يحيط بنا. منا من يخاف أن تصبح المثلية أمرا عاديا... لماذا لا تريده عاديا؟ في ماذا تزعجك الاختيارات الشخصية للآخرين وما يحدث في غرف نومهم؟ ولماذا لا تعتبر أن العادي أن كل شخص حر في حياته مادام لا يسبب أذى مباشرا للآخرين؟ لماذا لا يزعجكم أن تعنيف النساء أصبح عاديا. والاعتداءات الجنسية على الراشدين والأطفال عادية. والتحرش عاديا. والسرقة أمام أبواب المساجد عادية. والعنف النفسي والتنمر عاديان... كل هذا أصبح عاديا لكنه لا يزعجكم رغم أنه يسبب أذى للآخرين، بينما اختيارات المثليين لا تسبب أذى لأي منا.
أشخاص آخرون يزعجهم أن الأفلام الأجنبية تقدم المثليين كأشخاص عاديين. ولماذا تصرون أنهم ليسوا أشخاصا عاديين؟ لماذا تصرون على كونهم منحرفين شاذين، بينما الأمر يتعلق بميول شخصي لا يفرضونه على الآخرين.... بمعنى أن المثلي الذي يعلن عن مثليته أو الفيلم الذي يقدم شخصا مثليا، لا يفرض على غير المثلي ممارسات مثلية. هو فقط يطالب بحق هؤلاء الأفراد في أن يكونوا وأن لا يتم إقصاؤهم أو تهديدهم في حياتهم بسبب ميول حميمي فطري...
هذا دون أن ننسى كم المغالطات الرهيب عن كون المثلية مرضا وانحرافا، في حينِ أن مختلف الدراسات الرصينة ومنظمةَ الصحة العالمية لا تعتبر المثلية مرضا منذ سنوات طويلة جدا؛ وعلما أن الميول المثلي موجود في كائنات حية كثيرة في الطبيعة. فهل سنقول إنها بدورها انحرفت بسبب سلوكيات تحتاج التقويم؟
أما حجة: "ماذا سنقول لأبنائنا وبناتنا؟"، فهي، في كل المواضيع وليس المثلية فقط، أصبحت حجة متجاوزة. ابنك وابنتك يعيشان في عالم الأنترنيت. مهما أخفيت عنهما النقاشات المطروحة، فسيجدانها على الأنترنيت. لذلك، فمهما كان الموضوع، اختر الحوار مع أبنائك بدل منع الخوض في مواضيع معينة أو مطالبة نتفليكس ومونت كارلو الدولية بعدم التطرق لها.
الحقيقة أن كل هذا الرهاب ليس إلا ترجمة لعقلية ذكورية ولتطرف ديني لا يريان في العلاقة الجنسية إلا متعة الرجال بالنساء وليس معهن، ولا يعرفان للجنس من هدف إلا الإنجاب. وإلا، هل ساءلتم أنفسكم، مثلا، لماذا اختلف الفقهاء في عقاب المثلي الرجل الذي يجب رميه من شاهق، وعقاب المثلية الأنثى، التي اكتفوا عندها بالتعزير؟ ولماذا لدينا هذا الرهاب العميق من المثلية لدى الرجال، بينما لا تنزعج الأغلبية إلا قليلا من المثلية عند النساء؟ بل أن من الرجال غير المثليين، من يضعها ضمن استيهاماته الحميمة...
اسأل نفسك... بدل أن تهاجم! واقبل حق الآخر المختلف عنك في أن يكون موجودا!
سناء العاجي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك