لا بد من التوضيح أن وجود الدولة هو الشرط الأساسي لوجود الدستور. فالدولة أقدم من الدستور والدولة تتكون حالما تتوفر فيها الشروط الجوهرية، وهي وجود جماعة من الناس، ذات غاية واحدة، تقيم فوق إقليم معين، وتتمتع بالسيادة والشخصية المعنوية.
أما الدستور فهو نتيجة أو ثمرة الصراع بين الحاكم والأفراد ورغبتهم في التوفيق بين مقومات السلطة ومقومات الحرية والمشاركة في حكم أنفسهم. يعدّ الدستور بمثابة اللبنة الأساسية التي يرتكز عليها نظام الحكم وينظم العلاقة بين هيئات الدولة المختلفة وفقا لمبدأ المشروعية وكيفية حماية الحقوق والحريات.
لم يكن هناك قواعد مسلّم بها لنشأة الدساتير، وتختلف الطرق المتبعة باختلاف الدول من حيث ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ودرجة النضج السياسي لدى الرأي العام فيها.
لقد ساد النظام الملكي المطلق زمناً طويلاً في بلادٍ مختلفة، ولقد كانت جميع السلطات بمقتضى هذا النظام تتركز في يد واحدة هي يد الملكية.
بمعنى أن الملك يعتبر نفسه هو السلطة والسيادة في الدولة، فكان يمنح نفسه الحق دون غيره في وضع دستور للبلاد وتقديمه على شكل منحة دون مشاركة شعبية في وضع بنوده أو الاتفاق عليها.
عندما ظهرت النظريات الفلسفية الاجتماعية المناهضة للحكم المطلق، بدأ الشعب يتحرك ويطالب بمشاركة الحكام في وضع الدستور، فصدرت الدساتير على شكل عقد بين الحاكم والمحكوم تنظم العلاقة بما يضمن مشاركة الشعب في تقرير مصيره.
في وقت ما وعندما انتشرت المبادئ الديمقراطية التي تعتبر الشعب مصدر السيادة الحقيقي، انفرد الشعب بوضع الدستور، فظهرت الدساتير عن طريق الجمعية التأسيسية أو الاستفتاء الدستوري أو الشعبي.
إن تعديل القواعد الدستورية يعدّ وسيلة من وسائل إيجاد التلازم بين ظروف الدولة والنصوص الدستورية التي تحكمها،. حيث أن طريقة تعديل الدساتير ليست واحدة وإنما تختلف فيما إذا كانت النصوص جامدة أو مرنة..
ومع ذلك قد يحظر المشرع الدستوري تعديل الدستور لمدة معينة في ظل سيادة ظروف معينة أو يربطها باستفتاء شعبي.
أما الانقلاب على الدستور باسم التعديل من قبل السلطة فيظهر جلياً عندما يكون هناك خرق مباشر للعقد الاجتماعي ومحاولة لتكريس السلطة المطلقة وتغول على الحقوق والحريات وعلى الركيزة الأساسية بأن يكون الشعب مصدر السلطات.
عروب صبح
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك