مدونة اليوم

غادة عبد العال: "عيد دفن الرؤوس في الرمال"

نشرت في:

مع قدوم عيد المرأة العالمي في كل عام أتساءل: هنكتب عن إيه المرة دي؟ألم نقتل كل المواضيع بحثا؟ مش شرحنا وجهة نظرنا في كل الفرص الممكنة؟مش خلاص المجتمع عرف احنا عايزين إيه؟ ونستحق إيه؟ وخلاص اختشى على دمه وفهم بأه؟ 

مونت كارلو الدولية
إعلان

ثم يأتي خبر ما متعلق بالمرأة، وخطوة صحيحة اتخذت في سبيل حصولها على حقوقها اللي لسه بتدور عليها منذ فجر التاريخ، وفجأة تنهال تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي لتؤكد لنا إن : لسه الطريق طويل، ولأ المجتمع ما اختشاش على دمه ولا حاجة، بل بالأحرى: اللي اختشوا ماتوا! 

كان الخبر هذا العام يتعلق بانتشار صور لعدد من قاضيات مجلس الدولة في مصر وقد تبوأن أخيرا منصة قضاء مجلس الدولة لأول مرة منذ إنشائه عام ١٩٤٦.

قعدوا على المنصة ونوروها وانطلقت المواقع ووكالات الأنباء لتثني على الخطوة اللي اتأخرت كثيرا، وتتمنى أن تتبعها خطوات تانية تمكن المرأة من الجلوس على منصات القضاء بكل فروعه.

هل فرح رواد السوشيال ميديا؟ هل احتفلوا؟ هل عدموا فرص الندب واللطم على الخدود كلما كان فيه خبر متعلق بانتصار ولو رمزي للمرأة العربية؟

طبعا لأ!

هتافات أن: وا إسلاماه، وأنه يا خسارة تخلينا عن ديننا خلاص، وقذف حديث (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) بنزعه عن مناسبته وسياقه التاريخي واعتماده كده في المطلق وان كان عاجبكم بأه.

وادعاء وتصميم وتأكيد ان اللي حصل ده ما يرضيش ربنا، لأن من وجهة نظرهم ربنا قرر اننا لازم نعامل المرأة بدونية، لازم ما نديهاش فرصة ترفع راسها، لازم ما نديهاش إحساس انها في يوم ممكن تحكم بين الناس زي ما بيحكم الرجل! أصل إيش جاب لجاب!

ربنا قال الرجال حكماء، كل الرجال حكماء، وأن الستات حمقاوات، كل الستات حمقاوات، دون أي استثناءات.

ثم  كان أن بدأت الجموع الغفيرة في ترديد الأوبريت العربي الأصيل: الهرمونات، الهرمونات، أصل الستات ما ينفعش تحكم عشان عندها هرمونات، والعاطفة، العاطفة، أصل الست ما ينفعش تتبوأ منصب قيادي عشان بتحكم بالعاطفة.

ونسيوا أنچيلا ميركل، ونسيوا كورسات الألماني وكل الشباب والبنات اللي بياخدوها وهم بيحلموا يهاجروا للبلد اللي أفلح أهه والله وهو بتحكمه امرأة!

ونسيوا تاتشر وكلينتون وبناظير بوتو وتنسو تشيللر، ونسيوا وزيرات دفاع أوروبيات وإفريقيات، بل ونسيوا مدام عفاف بتاعة الشهر العقاري ومدام سعاد بتاعة شئون الطلبة وازاي بيحكموا مكاتبهم بالحديد والنار.

ليه التصميم على العيش خارج حدود العالم يا اخواننا؟ وجاي منين عشق الاسطوانات المكسورة دي وترديد الكلام دون أي بحث عن منطقيته وظروفه ؟ بل وليه الإصرار المجتمعي على خلق خصومة ما بين ربنا وبين المرأة!

وكل سنة وانتوا طيبين بمناسبة عيد عمركم ما هتحتفلوا بيه، وكل أمنياتنا فيه إنكم بس تدونا فرصة احنا وانتم نعيش بدون تمسك بدفن رؤوسنا ورؤوسكم في الرمال.

غادة عبد العال

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية

شاهد الحلقات الأخرى