مدونة اليوم

غادة عبد العال: " الصفعة"

نشرت في:

 في أشهر حفل فني يتم نقله عن طريق التلفزيون، تحرك النجم الوسيم نحو مقدم الحفل الكوميدي، وتمطى ورفع كفه لينهال على وجه مقدم الحفل بصفعة تردد صداها في حجرات معيشة المتابعين للحفل في مختلف أنحاء العالم. 

مونت كارلو الدولية
إعلان

وبعد لحظات بدأت موجة التحليلات والنقاشات:

حقه، مقدم الحفل اتريق على مراته وحالتها المرضية وهو كزوج محب ودمه حامي كان لازم يحميها، عقبالنا لما نلاقي اللي يغضب عشاننا ويحارب الدنيا عشان عينينا.

لأ ده همجي، ومافيش حاجة تتحل بالعنف، كان ممكن ينسحب لو ماعجبوش الكلام، كان ممكن يطلع على المسرح يخطف الميكروفون ويقول مراتي أحلى ست في العالم وأنا بحبها، وكان ردلها اعتبارها من غير ما يبان بلطجي وهمجي وعنيف.

النقاش دار بين وجهتي النظر من لحظة سماع صوت الصفعة، اللي اهتم المتابعين بيها أضعاف ما اهتموا بفوز ويل سميث بعدها بالأوسكار لأول مرة في حياته وبدون حتى ما يهتموا بنهر الدموع اللي سال على وجهه وهو بيستلم الجايزة  بعد الواقعة بدقايق.

ويل سميث كان بيمثل في لحظة استلام الجايزة الشخص اللي أرهقته الدنيا وأثقلت ظهره توقعات المجتمع منه كرجل واجه ضغط وتنمر وتنكيل وسخرية فقط لأنه قرر من حوالي سنتين إنه يسامح زوجته اللي اعترفت له بإنها خانته في فترة انفصلوا فيها بعد حدوث مشاكل بينهم.

لم يتقبل المجتمع تسامحه وهدوءه، انتظر منه غضب.. عنف.. انتقام، لأن هي دي ببساطة الصورة الأمثل للرجل اللي بيعشقها المجتمع حتى مع ادعائه للتحضر والمدنية، صورة رجل الكهف المتسلح بعصاه الغليظة، اللي بيسحل شريكته من شعرها على أقل غلطة.

واستمر الضغط والتريقة والحصار حتى حمل الشخص المسالم عصاه ليتبوأ المكانة اللي انتخبها ليه المجتمع.

والعملية دي بيطلقوا عليها بره

Toxic masculinity 

وبنمارسها كلنا في جميع أنحاء العالم، لما بنطلب من الطفل الذكر أن:

ما تعيطش، مافيش راجل بيعيط.

اللي ضربك اضربه، ما تبقاش خايب.

رسم إيه وموسيقى إيه؟ دي حاجات للبنات، روح العب ملاكمة أو كاراتية.

لغاية ما بنبتدي نطلب من الرجل البالغ أن:

إستحمل وما تشتكيش، مافيش راجل بيشتكي.

ما تطاوعش مراتك في كل حاجة لحسن يقولوا ممشياك.

إنت ازاي سايب اللي جانبك ده يسبقك بعربيته؟ إجري إكسر عليه واسبقه.

وهكذا، بنضغط على الرجال وبنلومهم على أي إحساس بالتسامح، الرهافة، أو الضعف.

وبعدها لما يستجيبوا ويتصرفوا بشكل همجي بدائي، نلوم عليهم ونقول مين رباهم دول؟!! 

واقعة ويل سميث في حفل الأوسكار للأسف مش واقعة منفصلة سبقتها وقائع كتيرة وستليها وقائع أكتر، لكن كل ما نتمناه إنها وقد حدثت في واحدة من أشهر المناسبات التليفزيونية في العالم إنها تتسبب في فتح النقاش حول ممارسة الذكورة المسممة، اللي خلقت وبتخلق وهتخلق كل شخص عنيف ذكوري همجي بدائي، يخلقه المجتمع ثم يلتفت متعجبا ليوجه له أصابع الاتهام ويلومه على فعلته. 

غادة عبد العال   

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية