كل عام وأنتم وأحبابكم بكل خير بمناسبة قدوم شهر رمضان الكريم. يرتبط شهر رمضان دائما بصفة الكرم لأنه من الشهور التي يسهل فيها زيادة عداد الحسنات والوصول لحالة روحانية تقربك من الله. لكن كرمه يمتد من الظواهر الإيمانية والروحانية للأشياء المادية. فهو الشهر اللي الناس بتكثر فيه من إطعام المحتاجين، واستضافة المقربين والإغداق على الجميع بالطعام والصدقات.
طقوس رمضان دائما ما يختلط فيها الهدوء والورع بالسعادة والاحتفالات الصاخبة، وهو اللي بيخلي فيه حاجة لكل حد. اللي بيحب يلتزم بالعبادات سعيد، واللي بيحب المظاهر اللامعة برضه سعيد.
لكن شعوري السنة دي إننا محتاجين كل كام سنة نقف لحظة ونقيم طقوس رمضان، وندقق قوي في أهدافها ومدى تأثيرها على روح الشهر وشكله وثقافته. بالطبع مافيش هنا دراسات اجتماعية بتوصل للناس، ولا بتأثر فيهم بشكل قوي، اللهم إلا دراسات راصدة مش محركة. لكن أظن لو كل واحد فينا بدأ بنفسه وتمسك بحبة طقوس ذات أصالة وتأثير، هنحس أكتر بروح وشكل الشهر، ومش هنبتعد بيه عن نكهته الأصلية.
على سبيل المثال لا الحصر:
تؤلمني دايما أشكال الفوانيس الحديثة، وصعب جدا إني أستسيغ فكرة إن "باظ يطير" بيغني وحوي يا وحوي. مش فاهمة مين أول واحد قرر ربط رمضان بالبمب والصواريخ والمفرقعات لما بقى المشي في شارع فيه أطفال في رمضان محض مغامرة.
التخزين والعزومات وكم الطعام المهدر بعد كل إفطار خلت رمضان مرتبط في أذهان البعض بفكرة الشره والتبذير. شنط رمضان فكرة جميلة وفيها تضامن وتكافل، لكنها بتربط الشهر تاني بفكرة الأكل وكأنه لازم يكون أكبر همنا، ثم مين أدرانا ان اللي محتاج مش ممكن يكون محتاج لحاجات تانية بخلاف كيس مكرونة وكيلو رز وعلبة صلصة؟
كل هذا التأليف في ما يخص أصناف الحلويات، وضرورة تناول السكريات بكثرة في مجتمعات نص أفرادها تقريبا معرضين للإصابة بمرض السكري.
الزحمة التلفزيونية اللي لازم تكون على الأقل ٥٠ مسلسل، لا يتم الانتباه إلا لواحد أو اتنين منهم، والتعامل مع مواضيعها على طريقة التريند، السنة دي أكشان، السنة الجاية رومانسي واللي بعدها جرائم قتل وألغاز. تضييع موارد ومواهب وفرصة للتأثير في وعي مجتمعي، فقط لأننا قررنا نكربس كل الأعمال الدرامية دي في ٣٠ يوم، ثم مين قرر إن ده أحسن وقت المشاهد يتابع فيه أعمال تليفزيونية. إمتى حصل الربط ده وليه لسه موجود؟
مش هتكلم طبعا عن ارتباط مشوه تاني بين رمضان وبرامج المقالب اللي محطوط معظمها في شكل إهانات في شهر من المفترض إننا بندعو فيه للتسامح والتضامن وهدوء النفس والروحانيات..
كلها مظاهر أصبحت طقوسا رمضانية سواء شئنا أم أبينا، لكنها بعد فترة تحولت فقط لمجموعة من الكليشيهات.
هل أنتم معايا إن حاجات كتيرة من دي محتاجة إعادة نظر، حتى يعود للشهر بهائه وهدوئه وروحانياته اللي بدأت تتوه في وسط الاحتفالات؟
غادة عبد العال
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك