في هذه الحياة تعلمت أنه من الصعب غالباً فهم ما يمرّ به الآخرون من صعوبات في الحياة إلا لو مررت بنفس التجربة مع استثناء أن هناك مَن يشعر بالآخرين رغم أنه لم يمرّ بنفس التجربة، لماذا أقول هذه المقدمة؟ دعوني أحكي لكم ما حدث.
ونحن في صف تعلّم اللغة السويدية قمنا بقراءة كتاب بعنوان I skuggorna وترجمته "في الظلال"، هذا الكتاب يحكي عن قصة لاجئ صحفي إيراني يأتي للسويد هرباً من حكومته، ولكن يتم رفض لجوئه في السويد، فيضطر لأن يعيش بدون أوراق رسمية غير قادر على العمل لسنوات طويلة تصل لأربع سنوات بعدها يحق له التقديم مرة ثانية على اللجوء.
نقرأ في الرواية كيف يعاني بطل القصة بسبب وضعه غير القانوني، ثم طلبت منا المعلمة أن نشكّل مجموعات ونناقش هذه الرواية، جميعنا مهاجرون نتعلم اللغة، ومن المؤكد أن منا من طلب اللجوء في السويد، ولكنني استغربت عندما كان منهم من يتساءل، لماذا تحمّل كل هذا، ولماذا لم يذهب إلى بلد آخر؟ لماذا لا يستطيع العمل بدلا من هذا الوضع؟ لماذا؟ لماذا؟..
أسئلة تدل على أن من يسألها لا يفهم صعوبة أن تجد بلداً يقبلك كلاجئ، ولا يفهم ما معنى أن يصل شخص لحالة من اليأس، وليس لديه أي خيارات أخرى. الكثير لا يفهمون ويعتقدون أن الجميع مثلهم يستطيعون أن يتنقلوا بحرية، لا يعرفون ما هي ظروف كل شخص ويحكمون على أساس ظروفهم هم.
عندما بدأنا بقراءة الرواية شعرتُ بحزن شديد، واسترجعتُ كل ما مررت به في عام ٢٠١٨، ثم شاركت مشاعري مع زميلتين وحكيت قصتي، واحدة منهما إيرانية لم تستطع حبس دموعها، فبكت، رغم أنني حاولت أن أضحك، وأنا أحكي ما مررت به من تهديدات ثم خطأ المسؤول عن ملفي هنا.. إلخ.
هذه الفتاة شعرت بي، ولم تقل لماذا، ولم تتساءل، لا أدري تفاصيل حياتها، ولكن ما أعرفه أنها أتت مع زوجها إلى السويد بعد حصوله على فرصة عمل، وتعلمت اللغة حتى قبل وصولها، أي أنها ليست لاجئة، ولم تمرّ بما مررت به، ولكنها تعاطفت بكل حب وبدون أحكام مسبقة.
من الجميل أن يتحلى الشخص بالإنسانية ومراعاة ظروف الآخرين دون أفكار مسبقة، هؤلاء هم ملائكة الأرض، ونحتاجهم كثيراً في عالمنا هذا، فطوبى لهم.
هند الإرياني
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك