"لن أحكي لكِ شيئاً. أجل، لأنه لا فائدة في ما أقول. قُلت كثيراً ولا فائدة معك... لن تعرفي ما أعانيه إلا حين أنتحر". هذه الكلمات من رواية "العابرة" للكاتب إبراهيم عبد المجيد، نسمعها بصوت لمياء، التي تعاني اضطراب الهوية الجنسية، وتخاطب أمّها المُشكّكة في حقيقة عذابها. للأسف، هذه هي حال كثيرات وكثيرين اليوم ممّن يكابدون داخل مجتمعاتٍ قاسية تدفعهم إلى العزلة حينًا، والموت أحيانًا، وآخرهم ضحية جديدة في العراق. من المسؤول عن استمرار هذين الظلم والبؤس اللاحقَيْن بالعابرات والعابرين جنسيًا، الذين يعانون من القمع والتمييز والعنف في دول لا تقبل الاختلاف؟ وحتّام تبقى الهوية الجندرية حجة لإلحاق الظلم بإنسان واضطهاده؟
إذا كان الجهل هو السمة العامة التي تلوث كيفية التطرق الى مواضيع الجندر والهوية الجنسية في العالم العربي، فإن النتيجة لا يمكن أن تكون الا ارتفاع منسوب الكراهية والتمييز والعنف تجاه فئة لا ذنب لها سوى حقها في أن تعيش حقيقتها وتحيا بسلام.
للعلم، أعلنت منظمة الصحة العالمية التوقف عن تصنيف العبور الجنسي اضطراباً عقلياً، وأقرت بأن التناقض بين الجنسين حالة طبية، هادفة بذلك الى الحد من وصمة العار التي تلاحق العابرين والعابرات في غالبية دول العالم، ومنها طبعاً وخصوصاً دول العالم العربي. الا ان الاضطهاد الجنسي، والتضييق على حق الإنسان في امتلاك جسده والتصرف به والتوقيف التعسفي وسواها من المظالم، كل هذا لا يزال ينزَل بهؤلاء في غير بلد.
إن كل الدول مُلزَمة اليوم، إن أخلاقياً او بحسب اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بحماية الحق في حرية الرأي والتعبير والعيش، بما يشمل العابرين والعابرات جنسياً. المطلوب توفير الحماية لهؤلاء أو، على أقل تقدير، تركُهم يعيشون بسلام، دون مضايقات تزيد واقعهم عذاباً.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك