تخصّص ميشا خليل هذه الحلقة من برنامج مراسي لمهرجان "سينيميد" للسينما المتوسطية الذي يُقام سنوياً في مدينة مونبولييه الفرنسية. ويستضيف، في دورته الثالثة والأربعين هذا العام، عدداً من المخرجين القادمين من الشرق الأوسط والمغرب العربي منهم ضيوف هذه الحلقة الخاصّة: المخرج التونسي لطفي عاشور والفنانان اللبنانيان المتعدّدا الإختصاصات جوانّا حجّي توما وخليل جريْج. إضافة إلى المخرج التونسي وليد مطّار المشارك في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة.
مهرجان "سينيميد" للسينما المتوسطية هو من هذه المهرجانات المتعدّدة التي تهتّم بثقافات البحر الأبيض المتوسط. هذا البحر الصغير بحجمه، مقارنة مع البحار والمحيطات الأخرى، هو الوحيد الذي يثير اهتماماً بهذا الشكل ويجمع حوله هذا القدر من التظاهرات الثقافية والسينمائية. مهرجان "سينيميد" يعطي الكلمة لمخرجين قادمين من بلدان أوروبية وعربية ويعرض أفلاماً قصيرة أم طويلة، روائية أم وثائقية تطرح قضايا تتقارب في مضمونها بين ضفتي المتوسط، منها ما له علاقة بالعادات والتقاليد ومنها ما له علاقة بمشاكل إقتصادية وإنسانية تتأثّر بحيوية هذا البحر وتجاذباته وتناقضاته.
كرامة إنسانية
المخرج التونسي لطفي عاشور فاز في الدورة الثالثة والأربعين من مهرجان سينيميد بجائزة الجمهور الشاب في مدينة مونبولييه. لطفي عاشور شارك في المهرجان بفيلمه الوثائقي القصير "نقطة عمياء" الذي يعالج فيه مسألة التعذيب في السجون وتحديداً في سجون نظام الرئيس التونسي السابق زين الدين بن علي. الفيلم يروي قصة رجل يُدعى كمال المطماطي مقرّب من التيار الإسلامي، اعتُقل وعُذّب حتّى مات من شدّة التعذيب ثمّ أخفى النظام جثّته وحكم عليه غيابياً بالسجن. وبقي حياً في سّجلات الدولة مدّة ثلاثين عاماً.
أراد المخردج لطفي عاشور أن يعالج هذا الموضوع ليفضح ممارسات التعذيب التي تعتمدها الأنظمة بحقّ الأشخاص بهدف القمع وإخفاء الحقائق أو بهدف إلغاء كل خطر قد يلحق بها. يفضح لطفي عاشور هذه الممارسات بغضّ النظر عن إنتماء الأشخاص وميولهم السياسية أم الدينية مهتّماً فقط بكرامة الإنسان وحقّه في الحياة بأمان وحرية. معالجة الموضوع في فيلم "نقطة عمياء" خرجت من القالب السينمائي المعهود الذي تتّبعه الأفلام الوثائقية عموماً. وأعاد المخرج كمال المطماطي إلى الحياة ليسرد قصّته، فهو، في نهاية المطاف، بقي حيّاً في وثائق النظام. الفيلم تحريكي، بالأبيض والأسود في معظمه باستثناء اللون الأحمر الذي يرمز إلى الدم وإلى العنف. استطاع المخرج، من خلال هذا الفيلم، أن يعطي بعداً إنسانياً مؤّثراً تَرَكّزَ في شخصية الوالدة التي ظلّت تزور ابنها في السجن وتأخذ له الطعام والملابس النظيفة معتقدة أنّه ما زال على قيّد الحياة...
تكريم إستعادي
استضاف مهرجان "سينيميد" هذا العام الفنانيْن جوانّا حجي توما وخليل جريْج ليكونا ضيفي الشرف في دورته الثالثة والأربعين المهداة إلى لبنان. وتّم عرض مجمل أفلام هذين المخرجين المتعدّدي الاختصاصات منها فيلهما الأخير "دفاتر مايا" الذي كان مصدر إلهام للمنظّمين الذين استوحوا ملصق المهرجان من هذا الفيلم. خصّهما المهرجان، إضافة إلى عروض أفلامهما الطويلة والقصيرة، بعدد من النشاطات التي قرّبتهما من الجمهور. قاما بورش عمل حول طريقة عملهما في إخراج أفلامهما أو تنفيذ أعمالهما وتركيباتهما الفنية الموجودة في متاحف عدّة من العالم. عالجا موضوع الفقدان في المعنيين المجازي والحسّي ولاسيما خلال الحرب الأهلية. لبنانيون كثر اختفوا ولا أحد يعرف عنهم شيئاً حتّى اليوم. الشخص المفقود يبقى حيّاً حتّى إثبات العكس في حياة الناس المقرّبين منه من أهل وأصدقاء. وواحد من أفلام جوانّا حجي توما وخليل جريْج يعالج هذا الموضوع ويحمل عنوان "يوم آحر".
تركيبات فنية عدّة عُرضت في أماكن مختلفة من مونبولييه خلال المهرجان وكانت مناسبة للقاءات قرّبت الفنانيْن جوانا حجي توما وخليل جريْج من جمهورهما.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك