مراسي

وجدي معوّض يواجه ويتصالح ويعترف في عرضه المسرحي الجديد

نشرت في:

تستضيف ميشا خليل في برنامج مراسي المخرجتين والممثّلتين اللبنانيتين عايدة صبرا وأوديت مخلوف، بطلتي مسرحية "أم" للمؤلّف والمخرج المسرحي وجدي معوّض.

الممثلة عايدة صبرا مع مؤلف ومخرج العمل وجدي معوّض
الممثلة عايدة صبرا مع مؤلف ومخرج العمل وجدي معوّض © (Tuong-Vi Nguyen) مسرح "لا كولين"
إعلان

يعود إلينا المؤلّف والمخرج المسرحي وجدي معوّض بمسرحية جديدة شخصية بمضمونها وبطريقة معالجتها. مسرحية "أم" هي الثالثة، بعد "أخوات" و"وحيدون"، التي يستمّدها وجدي معوّض من ماضيه متبحّراً فيه بحثاً عن علامات وإشارات يرتكز عليها ليتصالح مع تصدّعات العائلة والوطن ومع الترسّبات المؤلمة التي تركها ذلك الزمن الغابر في نفسه.

مصالحة وليس معالجة

وجدي معوّض يملك حساسيةً فنية مرهفة تضع المشاهد أمام ذاته قبل أن تضعه أمام عمل فنّي درامي. كلّ شخص يجد في هذه المسرحية مشهداً يمسّه في العمق ويجعله يواجه موقفاً شخصياً قد يتعلّق بذكريات عائلية أو بتجربة جماعية متجذّرة في مأساة الحرب الأهلية اللبنانية.

يروي وجدي معوّض في عرضه قصّة والدته جاكلين خلال السنوات الخمس التي أمضتها في باريس قبل الهجرة النهائية إلى كندا في سنوات الثمانينيات. عاشت جاكلين في هذه الفترة حالة من القلق وعدم اليقين والغضب المشحون بالخوف من المجهول. تعالج المسرحية بدّقة مدهشة الهستيرية المدّمرة التي عاشتها تلك المرأة المتألّمة وكيف أثّرت بتصرّفاتها، آنذاك، على نفسية وجدي معوّض الطفل. عانى من التمزّق  بين قِيَم الوطن الذي هاجر منه وقِيَم البلد الذي لجأ إليه لأنّه كان مجبراً على رؤية محيطه من منظار جاكلين الوالدة المرعوبة من شبح التغيير الذي قد يطرأ على أولادها أثناء فترة الانتظار ... إنتظار العودة إلى الوطن..

عايدة صبرا تتقمّص شخصية جاكلين ببراعة

لعبت المخرجة والممثّلة اللبنانية عايدة صبرا أدواراً كثيرة وبرعت في الكوميديا كما في التراجيديا. لكن ما نراه على خشبة المسرح في عمل "أم" هو تكريس لموهبة هذه الممثّلة القديرة. هذا الدور بالنسبة لها هو أجمل ما أدّته في حياتها إن كان من ناحية تجسيد الشخصية ومستويات تعقيداتها أو من ناحية الكثافة العاطفية المرافقة لها. نراها على خشبة المسرح وهي تعيش حالات نفسية متناقضة من فرح وحزن وغضب وهستيريا. دور يحتاج إلى طاقة كبيرة استطاعت عايدة صبرا أن تستمّدها من خبرتها الطويلة في التمثيل ومن مواهبها المتعدّدة في الرقص والإخراج وفي فنّ الإيماء. وظّفت كلّ طاقاتها الإبداعية في سبيل هذا الدور الذي تقمّصته بشغف ونجحت من خلاله أن تشحن الصالة بعاطفة أثّرت تأثيراً بالغاً في الجمهور.

أوديت مخلوف وتجربة المسرح

تؤدّي المخرجة والممثّلة  أوديت مخلوف دور نايلا شقيقة وجدي معوّض في العرض. تجربة المسرح جديدة عليها لكنّها استطاعت أن تروّض الخشبة بسهولة وعفوية. تعتبر أوديت هذه المشاركة تجربة مهنية مهمّة لكنّها أيضاً تجربة إنسانية بامتياز. يحسّ المشاهد، منذ اللحظة الأولى، باللحمة الدرامية الموجودة بين عايدة صبرا وأوديت مخلوف. حدث بينهما تواطؤ فوري أضفى على الأداء واقعية شديدة. كلّ واحد من الممثّلين في مسرحية "أم" عاش تجربة الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وكلّ واحد منهم استمّد منها مادّة لصقل مصداقية أدائه.

مثلّث ناجح ومؤثّر يجمع بين عايدة صبرا وأوديت مخلوف ووجدي معوّض. وربما يبلغ العنصر الدرامي في مسرحية "أم" ذروته في لحظة الحقيقة التي كتبها وجدي معوّض قبل دقائق من نهاية العرض وحاول فيها أن يواجه والدته جاكلين ليفصح لها عن سنوات وسنوات من المكنونات المكبوتة علّه بذلك يتصالح مع تلك المرأة التي احتاج لوقت طويل كي يواجهها ويعترف لها… بالحبّ

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية