تونس
هشام السنوسي: "الأحزاب والفاعلين في تونس ليسوا على مستوى تضحيات شباب الثورة"
هشام السنوسي، عضو الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال في تونس، يتحدث عن الوضع المتوتر وعن تزايد أحداث العنف في تونس ويشرح أسباب تعطل المسار الديمقراطي في هذا البلد.
نشرت في: آخر تحديث:
إعلان
هل تزايد العنف في تونس في الأيام الأخيرة قد يعيق مسلسل الانتقال الديمقراطي ؟
أعتقد أن تونس اختارت الطريق الأصعب بالنسبة لعملية الانتقال الديمقراطي. وهي الطريق، إذا تم البلوغ إلى آخرها، الطريق الأسلم. لكن مع الأسف طريق الحوار وطريق تشكيل الأحزاب وإعادة إصلاح الإعلام و طريق التشاور كانت صعبة باعتبار أن هذه الأحزاب أغلبها حديثة. كلما اقتربنا من الموعد الانتخابي كلما قلت العقلانية واجتاحت الأحاسيس وما هو حميمي ومحاولات الربح الانتخابي. هذا التوتر، أعتقد أنه لا يوجد ما يبرره خاصة إذا وصل إلى العنف والقتل وما إلى ذلك. الأحزاب السياسية بدأت تتحرك ولكن كانت على الربوة. كانت تتفرج.
الباجي قايد السبسي، رئيس الوزراء، اتهم صراحة بعض الأطراف السياسية بالوقوف وراء هذه الأحداث لإفشال المسلسل الانتخابي. هل فعلا هناك أطراف سياسية لها مصلحة في أن يسود العنف ؟
بصراحة ليس لي كصحفي المعلومات أو معطيات التي هي بحوزته. إلى حد الآن لم نشاهد أدلة عملية حتى يتسنى لي كصحفي أن أتبنى هذا الموقف أو لا أتبناه. لكن بشكل عام، حتى في الحوار كان هناك مبعث للعنف. كان هناك عنف بين مختلف الأطراف السياسية الفاعلة. لم تكن الخطابات متقاطعة. عندما نتحدث عن انتقال جمهوري وعن القيم الجمهورية وكيف نصيغ العهد الجمهوري الجديد بين مختلف الاطراف، يأتي شخص آخر ليقول إن الأولية بالنسبة له هي مثلا عدم التطبيع مع العدو الإسرائيلي. كل هذه القضايا كانت ستحيل إلى العنف. لم يكن هناك هذا الحيّز التوافقي المشترك بين مختلف الأطراف. وقد صرحت منذ فترة أن هذا سوف سيحيل حتما إلى العنف لأنه لا توجد منطقة مشتركة للحوار وليس هناك حوار "معقلن".
كيف تقيّم أداء حزب "النهضة" في هذه المرحلة الدقيقة. كان هناك تصريح لراشد الغنوشي يقول فيه بأنه يندد بالعنف من أي جهة أتى ؟
لو وضعنا كل ما يتم التصريح به خاصة من خلال البيانات سنجد أنه لا يوجد إشكال. كل الأطراف السياسة الفاعلة هي ضد العنف. لكن الإشكال يكمن في الممارسة. الإشكال الآن أنه توجد أحزاب سياسية مثل "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"حزب النهضة" وحزب "حركة التجديد" التي تحاول أن تتفق في ما بينها وتقف ضد العنف. نريد أن نراها موحدة وتخرج إلى الشارع وتقول نحن ضد العنف. المسألة ليست مسألة إصدار بيانات. ومع الأسف لم نشاهد ما يعبر عن نضج للحركات السياسية سواء كانت يسارية أو يمينية. ليس ثمة ما يحيل إلى أن هذه الأحزاب ناضجة وهي على قاب قوسين من الحكم، وهذا سيعطي الثقة عند الناس. الناس يفقدون الثقة بشكل عام ليس في الحكومة فحسب وإنما في الأحزاب أيضا.
ماذا عن شباب الثورة الذي ساهم في إسقاط النظام من دون أن يكون مؤطرا سياسيا في البداية وهو الآن يبدو وكأنه خرج عن اللعبة السياسية ؟
هو خارج اللعبة السياسة، وهو مفهوم غلامي إلى حد ما. لأن شباب الثورة لم يتأطر. أعتقد أن التجربة من هذه الناحية في مصر ربما تكون أنضج من تونس لأن الشباب اندمج في الأحزاب. شباب الثورة في تونس لم يكن شبابا مسيسا. لم تكن له أطروحات سياسية واضحة. عندما خرج الناس، خرج الشباب في هبة ضد النظام وخرج للتضحية وقدم الدماء. لكن مع الأسف الأحزاب و الإنتلجنسيا والفاعلين في تونس إلى حد كبير ليسوا على مستوى تلك التضحيات. شباب اليوم يحس بالإحباط وهو يخرج وهو يضرب. و عندما نسال مثلا عشرين شخصا من شباب الثورة فإنا نجد عشرين فكرة مختلفة. هذه ظواهر يجب أن نحددها بدقة لأن النقاش كان نقاشا "توظيفيا". لم يكن نقاشا حول قيم معينة مثل : كيف ننهي الفترة السابقة ؟ كيف ننهي العلاقة مع فترة بن علي ؟ كيف لا نعود إلى ذلك المربع ؟ في الحقيقة أحسسنا كصحفيين أن الإشكالية هي كيف نقسم تركة بن علي ؟
في عدة بلدان عربية وليس في تونس فقط هناك طرح يقول بأن الشعوب العربية ليست ناضجة بما فيه الكفاية لتدخل في الديمقراطية ويعطون بالمثل الفوضى وأعمال العنف التي تحدث في تونس ومصر ؟
الديمقراطية هي مسار. وربما هذا العنف الذي نعيشه الآن وهذه الانتقادات هي ضمن المسار الديمقراطي. هناك مسار لا بد من اتباعه . الشعب التونسي اختار مسار الديمقراطية ومسار الحوار. هناك انتكاسة الآن، وهذا صحيح. ولكن أعقد أن هناك مجتمعا مدنيا وهناك العديد من الشخصيات الوطنية التي تحاول إعادة البوصلة إلى مكانها. سوف تدان مختلف هذه الاحزاب. هذه الاحزاب بدأت الآن تعبر وتصرح وتلقي بالبيانات ضد العنف لا لأنها مقتنعة بل لأنها أحست ربما بأن الشارع سيرفضها. هناك جزء كبير من الشارع، وهو جزء صامت، ضد العنف وضد طريقة التداول والتعامل مع هذه المرحلة الانتقالية.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك