تونس

هل تنجح حكومة راشد الغنوشي في مواجهة السلفيين المتشددين؟

بدأ راشد الغنوشي رئيس "حزب النهضة" الإسلامي حوارا مع السلفيين ودعاهم إلى العمل في إطار شرعي .ما الهدف المرجو من الحوار؟ وهل يشمل جميع السلفيين بما فيهم المتشددين والمعتدلين، وهل الثورة التونسية مهددة اليوم من تعاظم نفوذ السلفيين المتشددين؟ كل هذه الأسئلة يجيب عنها كمال بن يونس رئيس منتدى إبن رشد المغاربي للدراسات.

إعلان
 
كيف يمكن تحليل الحوار الذي بدأه رئيس حزب " النهضة" الإسلامي راشد الغنوشي مع السلفيين ؟
 
منذ أكثر من أسبوع دخلت قيادة "حركة النهضة" في مرحلة تاريخية من المراجعات الفكرية والسياسية بعد أن حسمت قيادتها العليا موضوع الفصل الأول من الدستور والاكتفاء بالبند القديم منه الذي يعتبر أن تونس دولة مستقلة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها، مع عدم إدراج قضية الشريعة فيه، وهو الفصل الذي وُضع في عهد بورقيبة واحتفظ به في عهد بن علي.
 
في نفس السياق تقرر الحسم مع السلفية الجهادية، أي السلفيين الذين يمارسون العنف، وقد أكد وزير الداخلية وراشد الغنوشي أنه تم اعتقال عشرات من المسلمين السلفيين الجهاديين الذين لهم علاقات بالجماعات السلفية المسلحة في الجزائر وليبيا.
 
كما أعلن راشد الغنوشي أنه بدأ حواراً مع السلفيين المسالمين، واعتبر أن من بين نتائج ثلاثة عقود من القمع برزت تيارات متطرفة في صفوف الشباب، بعضهم تطرّف في فهم الليبرالية الغربية وانحرف في استهلاك المخدرات، والبعض الآخر تطرّف يميناً باتجاه تبني مقولات تخلط بين السلف الصالح والتأويلات المتوترة والسلفية للدين وهي غير متصالحة مع الماضي والحاضر والمستقبل.
 
إذاً هو حوار مع شخصيات سلفية منتقاة من السلفيين السلميين، ولكن ماذا عن الباقين ؟
 
أُعلن أن الحوار سيشمل الجميع في محاولة لإقناع الشباب خاصة بأن السلف الصالح مُحترم ومُقدَّر، لكنه يختلف عن السلفية كمنهج فكري وسياسي. أما بالنسبة للسلفيين الذين يتبنّون العنف ويصرّون على ذلك ويحملون السلاح، فقد قال راشد الغنوشي " نحن لا نهتم بأصواتهم، وإن لم يصوّتوا لنا في المرحلة المقبلة فلا نريد أصواتهم، فضلاً عن كونهم"، على حد تعبيره، "يتبنون الجريمة المنظمة ".
 
حزب " النهضة" بكامله يدعم فكرة الغنوشي إقامة حوار مع السلفيين.
 
هناك عناصر من حزب " النهضة" يعارضون قيام حوار مع السلفيين، وهناك حوالي 20 بالمئة من كوادر قيادة "النهضة" ساندوا في البداية مسألة إدراج الشريعة في الدستور، لكن حُسِمت الأمور بعد أشهر من المفاوضات والحوارات الداخلية عبر التصويت الذي كانت نتيجته أنّ 53 هم ضد إدراج الشريعة في الدستور، 13 مع إدراجها و 7 احتفظوا بأصواتهم. وبعد ذلك التزم الجميع في قيادة " النهضة" بمساندة هذا الموقف الرسمي. وقال لهم الغنوشي : " نحن نواصل الحوار، أما مَن يريد أن يشن حملة علينا، فليخرج من الحركة".
 
ويبدو أن الغنوشي والقيادات التي حوله المتمثلة بالتيار الذي يقود الواجهة الفكرية والسياسية مثل وزير العدل ووزير الصحة، وهم رموز التيار الإسلامي في تونس منذ ثلاثين عاماً، يريدون أن يحسموا ويتجنّبوا العودة بتونس إلى جدال عقيم ميّز الأشهر الماضية بين الإسلاميين والعلمانيين حول قضايا ثانوية مثل الأحكام الشرعية، علماً أن قيادة الغنوشي أوضحت أنها تعتبر أن الأحكام الشرعية لا تمثل إلاّ صفر فاصل صفر فاصل من الإسلام، لأن مقاس التشريع الإسلامي هو أولاً حفظ المال والعقل والنفس وخدمة مصالح البشر.
 
كذلك اعتبر الغنوشي ورفاقه أن الأولوية هي لخدمة الأهداف الحقيقية للثورة، أي معالجة معضلة البطالة والفقر ومشاكل التخلف في بعض الجهات والمحافظات الداخلية مثل سيدي بو زيد والكاف.
 
هل هناك خوف حقيقي اليوم على الثورة التونسية من السلفيين المتشددين ؟
 
إذا بقيت المجموعات السلفية المسلحة في حدود بضعة عشرات ذات التأثير الضعيف، فإن قوات الأمن والجيش قادرة على محاصرتها. لكن التحدي الكبير للثورة التونسية هو التحكم في الحدود الليبية ـ التونسية بحكم تسريب كميات من الأسلحة وتهريبها من بعض السلفيين الليبيين نحو السلفيين في تونس والجزائر.
 
وهناك شبكات تتداخل فيها المجموعات السلفية بعصابات إجرامية خطيرة مختصة في تهريب المخدرات، تمتد من موريتانيا إلى صحراء المغرب والصحراء الغربية وجنوب الجزائر وتونس وليبيا، وهي عصابات إرهابية. فإذا نجحت قوات الأمن والجيش في محاصرة هذا التهريب، فإنها تكون قد كسبت الرهان الأكبر.        

 

 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية