الانتخابات البلدية الفرنسية

اليمين المتطرف يقطف ثمار غضب الناخبين على أحزاب اليمين واليسار التقليديين

أول حزب مستفيد بشكل كبير من الانتخابات البلدية التي جرت دورتها الأولى في فرنسا يوم الثالث والعشرين من شهر مارس-آذار الجاري هو حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف الذي استطاع "افتكاك" مدينة "هينان بومون" من بين أيدي اليسار في شمال البلاد دون انتظار الدورة الثانية التي ستجري يوم الثلاثين من الشهر المقبل. وصحيح أن هذا الحزب الذي تتزعمه مارين لوبين كان قد استطاع في ثمانيات القرن الماضي إدارة بعض المدن الواقعة في الجنوب الفرنسي. ولكن وقع بصمات اليمين المتطرف على الانتخابات البلدية في فرنسا هذه المرة قوية إلى حد جعل الحزب يفرض نفسه منذ الدورة الأولى على مدينة حكمها اليسار لمدة قرن تقريبا.

الصورة من رويترز
إعلان
 
لوبين تستثمر في المستقبل
من إنجازات حزب "الجبهة الوطنية" خلال هذه الدورة، أن مرشحيه استطاعوا الحصول على أكبر نسبة من أصوات الذين شاركوا في عملية الاقتراع في 17 مدينة من المدن التي يتجاوز عدد سكانها عشرة آلاف نسمة. بل إن مرشح هذا الحزب في مدينة مرسيليا ثاني المدن الفرنسية بعد باريس تمكن من الحصول على المرتبة الثانية أي قرابة 23 في المائة من أصوات الناخبين قبل مرشح الحزب الاشتراكي الذي لم يحصل إلا على 22 في المائة من الأصوات والحال أن عمليات استطلاع الرأي كانت تتوقع أن يفوز مرشح الاشتراكين بسهولة على كل المرشحين الآخرين.

وبالرغم من أن مارين لوبين تعلم اليوم أنه من الصعب عليها اختراق مدن كثيرة في أعقاب الدورة الثانية، فإن حرصها على الإبقاء على غالبية مرشحيها الذين تمكنوا من تجاوز عقبة الدورة الأولى هدفه الأساسي هو تمكين حزبها من الحصول على مقاعد لمئات المستشارين في المجالس الانتخابية البلدية الجديدة، وبالتالي فرض الحزب على السياسة المحلية لا في جزء من مناطق البلاد، بل في مختلف أنحاء فرنسا بهدف الاستثمار في استحقاقات انتخابية مقبلة.

مستقبل الحزب الاشتراكي

كان الحزب الاشتراكي يتوقع انحساره في أعقاب الانتخابات البلدية لعدة أسباب من أهمها غضب الشارع الفرنسي على السياسية الاقتصادية والاجتماعية التي ينتهجها الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند وتقليد توارثته الأحزاب الحاكمة في البلاد وانتهت كل الأحزاب إلى التسليم به ومفاده أن وزنها ينحسر في الانتخابات المحلية إذا كانت حاكمة لأنه من النادر جدا أن تكون غالبية الفرنسيين راضية عن هذا الحزب أو ذاك الائتلاف وهو يمارس السلطة.

وكان أقطاب الحزب الاشتراكي يعولون كثيرا على مدينتين اثنتين هما باريس ومرسيليا ليحاولوا من خلال الاحتفاظ بالأولى وكسب المدينة الثانية التخفيف من وطأة هزيمة متوقعة . ولكن نتائج الدورة الأولى أثبتت أنه من الصعب على مرشح الحزب في مدينة مرسيليا الانتصار على العمدة الحالي جان كلود غودان الذي ينتمي إلى حزب " الاتحاد من أجل حركة شعبية " المعارض في أعقاب الدورة الثانية . أما الحفاظ على إدارة باريس، فإنه أمر يبدو أكثر صعوبة مما كان يعتقده الاشتراكيون قبل أيام.

حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية"

ويبدو من خلال نتائج أحزاب اليمين التقليدي،في أعقاب الدورة الأولى أن عموده الفقري لا يزال حزب " الاتحاد من أجل حركة شعبية". وكان الجدل الفرنسي حول تنصت القضاء على مكالمات هاتفية بين الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ومحاميه في إطار التحقيق في مجموعة من التهم المتهم بها أو الشبهات التي تحوم حوله عندما كان رئيسا للجمهورية قد ساهم في احتداد أزمة ثقة الفرنسيين بالطبقة السياسية التقليدية بما فيها تلك التي تنتمي إلى المعارضة الحالية.

ومع ذلك فإن الاختراق الذي حققه هذا الحزب في أعقاب الدورة الأولى من شأنه مساعدته على فرض نفسه على الساحة السياسية بشكل تدريجي باعتباره قادرا على العودة إلى السلطة ولكن شريطة تجاوز حرب الزعامة الداخلية التي لا تزال في صفوف قيادييه.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية