المشهد السياسي الجديد في فرنسا

 في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وصعود معدل البطالة، لم يكن مستغرباً قيام الناخبين بمعاقبة الحزب الحاكم بالرغم من الطابع المحلي للانتخابات. ولذا بعد 22 شهراً على وصوله لقصر الاليزيه وأمام أول استحقاق انتخابي، تعرض هولاند لنكسة إضافية تؤكد سقوط شعبيته وعدم قدرته مع فريقه على إقناع الجمهور بحصيلة عمله وجدوى نهجه.

بانتظار الدور الثاني يوم الأحد 30 آذار-مارس، يسعى اليمين واليسار لترتيب تحالفاتهما باتجاه تعزيز النجاحات المبدئية والحد من الخسائر. ستتوقف النتيجة على قدرات التعبئة وإقبال الناخبين على التصويت بعد انخفاض قياسي في الدور الأول. وبالرغم من أرجحية فوز اليمين في غالبية البلدات والمدن الكبرى، إلا أن الاحتفاظ المحتمل للحزب الاشتراكي بعمادة مدينتي باريس وليون يمكن أن يخفف من وقع الخسارة الإجمالية.

بيد أن المراقبين للشأن الفرنسي سيتابعون عن كثب نتائج حزب الجبهة الوطنية خاصة على ضوء تأكد التحول من الثنائية الكلاسيكية بين اليمين واليسار نحو تجاذب ثلاثي فرض فيه حزب لوبن وجوده الذي تصاعد بشكل تدريجي منذ منتصف الثمانينات في القرن الماضي.

لقد سبق لحزب الجبهة الوطنية وفاز برئاسة عدة بلديات هامة في العام 1998 (لكنه فشل في إدارتها وخسرها لاحقاً) ووصل مؤسسه جان ماري لوبن إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في 2002. بيد أن الصعود الحالي برئاسة مارين لوبن يبدو أكثر تجذراً وله قبول أكثر عند شرائح من الرأي العام فقدت ثقتها بالأحزاب المسيطرة تاريخياً.

تتغير فرنسا ويزداد الطلاق بين الشباب والسياسية، ويضطرب المزاج العام نتيجة عمق الأزمة الاجتماعية-الاقتصادية. لكن صعود اليمين الوطني الشعبوي ليس ظاهرة فرنسية صرفة بل هي ظاهرة أوروبية تشمل النمسا وهولندا واليونان وبريطانيا وإيطاليا.

ليس هناك استثناء فرنسي لكن الثلاثية في الجمهورية الخامسة تنذر بمزيد من خلط الأوراق وبمزيد من الالتباس على أبواب الانتخابات الأوروبية خاصة إذا نجح حزب الجبهة الوطنية في انتزاع المركز الأول فيها!