المغرب - فرنسا

رياح مسمومة تهب على العلاقات المغربية الفرنسية

الرئيس الفرنسي مستقبلاً الملك محمد السادس في الإليزيه / أيار 2012 (الصورة من رويترز)

حتى في أحلك تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية و التي جسدها التوتر الذي ساد في تسعينيات القرن الماضي بين البلدين بين الراحلين فرانسوا ميتران و الملك الحسن الثاني على خلفية نشر كتاب "صديقنا الملك" لجيل بيرو لم تصل العلاقات بين الرباط وباريس إلى حد هذه البرودة و لم يصبها صقيع بهذا الشكل يهدد بإعادة هيكلة شاملة لروابط شهد التاريخ على استثنائيتها.

إعلان
بدأ مسلسل تدهور هذه العلاقات عندما قرر القضاء الفرنسي إرسال استدعاء وقوات شرطة إلى مقر سفير المغرب في باريس شكيب بن موسى للاستماع إلى مدير مراقبة التراب الوطني المغربي عبد اللطيف الحموشي بعد أن رفعت جمعية مسيحية مناضلة دعوة ضده بممارسة التعذيب على مغاربة مروا بالسجون المغربية ... هذا الإنزال الأمني الغير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين تسبب في أزمة دبلوماسية بين البلدين أدى إلى تجميد التعاون القضائي بين البلدين.

و استمر هذا المسلسل في تدهور العلاقات بين الرباط و باريس بعد أن تعرض وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار إلى ما يشبه إهانة دبلوماسية عندما أرغم في مطار شارل ديغول الفرنسي على تحمل إجراءات أمنية لا تحترم وضعه الدبلوماسي كوزير خارجية ما تسبب في احتجاجات إعلامية و سياسية صاخبة جاءت من الرباط.

وتوج هذا المسلسل عندما تسربت عبر المواقع الاجتماعية أخبار مفادها أن الضابط السابق مصطفى أديب دخل بالقوة غرفة الجنرال المغربي عبد العزيز بناني الذي يتعافى في المستشفى العسكري الباريسي فآل دوكراس وتباهى مصطفى ديب على صفحته في فيسبوك إنه انهال على عبد العزيز بناني بالسب والشتائم.

وفي تطور ملحوظ طلب السفير المغربي شكيب بن موسى استفسارا من وزارة الخارجية عن هذه الواقعة الذي وصف المغرب "بالاعتداء المعنوي الجبان" فيما استقبل محمد ياسين المنصوري المدير العام لمديرية الدراسات والمستندات (المخابرات الخارجية) سفير فرنسا في الرباط شال فري وأبلغه استياء المملكة الشديد اتجاه هذا التصرف. فيما ندد رئيس الحكومة الإسلامي عبد الإله بن كيران بهذا "العمل الاستفزازي".

في الحالات الثلاث التي سممت العلاقات المغربية الفرنسية أبت باريس إلا أن تقدم اعتذارا رسميا وشرحا بسيطا لهذه التصرفات في قضية عبد اللطيف الحموشي رفعت باريس شعار الفصل بين السلطات القضائية والتنفيذية لمحاولة تبرير موقفها وهو منطق رفضه المغرب جملة تفصيلا. وفي قضية وزير الخارجية صلاح الدين مزوار عللت الدبلوماسية الفرنسية عدم أخبارها بمرور الوزير في المطار ووضعت جزءا من المسئولية على هفوات الأداء الدبلوماسي للسفارة المغربية وفي قضية الجنرال بناني تأسفت باريس لهذه الحدث علما أن المستشفى العسكري أصبح ممرا تاريخيا لشخصيات نافدة تأتي للعلاج في فرنسا.

تأتي كل هذه المؤشرات لتركز القناعة أن شيئا ما وهو مزيج من السلبية والعدمية أصبح ينخر العلاقات المغربية الفرنسية ويذهب بها بعيدا في النفور والجفاء في وقت كانت العلاقات بين البلدين يضرب بها المثل إقليميا في متانتها الإستراتيجية ونموذجا في التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري ويجمع المراقبون على الاعتبار أن الوقت حان لكي يأخذ مسئولو البلدين بزمام الأمور ومنعنا من الانزلاق إلى قطيعة باردة قد تترتب عنها عواقب وخيمة على جميع المستويات.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية