فرنسا - قضاء - ساركوزي

ساركوزي "المظلوم".. هل يجذب الفرنسيين؟

غداة توقيفه على ذمة التحقيق في قضية إفساد واستغلال نفوذ وانتهاك أسرار التحقيق، وبعد التحقيق معه لمدة تتجاوز 15 ساعة، في إجراء هو الأول من نوعه، قرر ساركوزي الإدلاء بأول حديث له منذ هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتوقع المراقبون أن يفجر، كعادته، العديد من القنابل.

الصورة من رويترز
إعلان
ساركوزي من أكثر الشخصيات السياسية الفرنسية إثارة للجدل من حيث خطابه وأسلوب إدارته ونمط سلوكه في الحياة العامة والخاصة، ذلك إنه يتبنى منهجاً بعيداً عن الأساليب الفرنسية التقليدية في هذه المجال، ويصنف كشخصية خارج الأطر المعروفة للمؤسسة السياسية الفرنسية، فهو يتبنى الأسلوب الأنجلوساكساوني والأمريكي تحديداً، ولا يقتصر الأمر على الشكل، حيث كان المحور الرئيسي لسياسته مرتبطاً بالعولمة وبتقارب السياسة الخارجية الفرنسية من الأمريكية والبريطانية.

ويشتهر الرئيس السابق بأسلوب إدارة شديد الحزم لمن يعملون معه سواء من الموظفين أو الوزراء، كما تعود أن يفاجئ خصومه دوماً ويقلب الطاولة بقرارات وإجراءات غير متوقعة.

كل هذه السمات، دعت المراقبين لتوقع إعلانات هامة خلال أول حديث تلفزيوني لساركوزي منذ أن أصبح رئيساً سابقاً، سواء بالترشح لرئاسة حزبه اليميني "التجمع من اجل حركة شعبية" أو الانسحاب من الحياة السياسية، إلا أن الفرنسيين شاهدوا ساركوزي لم يتعودوا عليه، حيث ركز حديثه على الشكوى من المعاملة التي تلقاها من قضاة التحقيق متهما إياهم بالتحول إلى أداة في أيدي خصومه السياسيين لتصفيته سياسيا، وأتهم من يحققون معه بالانتماء إلى نقابة للحقوقيين محسوبة على اليسار.

لم يغلق نيكولا ساركوزي الباب أمام احتمالات عودته إلى الحياة السياسية معلنا انه سيتخذ قراره في نهاية أب-أغسطس المقبل، ولكن الرئيس السابق يعرف جيداً أن اكبر المعارضين لعودته ليسوا في معسكر خصومه السياسيين وإنما في معسكر اليمين، حيث يدور الصراع داخل حزبه بين عدد من الزعامات التاريخية على رئاسة الحزب وبالتالي الترشح باسمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2017.

ولا ينظر اليمين المتطرف إلى عودته بعين الرضا بعد أن حقق حزب الجبهة الوطنية نجاحات انتخابية هامة، ذلك أن هذا الحزب يهتم ساركوزي بسرقة شعاراته وتفريغها من مضمونها لجذب ناخبي اليمين المتطرف للتصويت له، وهو اتهام ليس بعيدا عن الحقيقة.

خلال ساعات التحقيق الطويلة التي أمضاها ساركوزي في إدارة مكافحة الفساد والمخالفات المالية، لم تعلو أصوات كثيرة للدفاع عنه في صفوف الطبقة السياسية، وخصوصا من قبل أصدقائه، فهل كان يحاول استعادة مكانته في الحديث متجها مباشرة إلى الناخب الفرنسي ليشكو له ما يصفه بظلم وتجن تعرض لهما؟

من يعرف آليات الحياة السياسية الفرنسية، يعرف أيضا إنها استراتيجية ضعيفة لن تؤد في حالات سابقة إلى نجاحات كبيرة، فقد تعود الفرنسيون أن يختاروا ممثليهم، بما في ذلك رئيس الجمهورية، عبر أحزاب سياسية تجسد برامجهم، وتعودوا، أيضاً، على اختيار الرجل القوي، وهي الصورة التي سمحت لساركوزي بالانتصار في الماضي.

فهل يأمل الرئيس السابق في دعم الناخب الفرنسي بالشكوى له، وبعيداً عن دعم معسكره السياسي؟

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية