جائزة نوبل للسلام

جائزة نوبل للسلام: منحت أحيانا لخصوم مبدأ السلام المتحرر من كل القيود

الصورة من رويترز

كثيرون من خصوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غاضبون اليوم من أمر إدراج اسمه في قائمة المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام والتي تعد أهم جوائز نوبل باعتبارها الجائزة التي تبدو مبدئيا أقرب الجوائز إلى قلب ألفريد نوبل مخترع الديناميت.

إعلان

 وكان هذا الأخير يشعر بالذنب في آخر فصل من فصول حياته لأنه لاحظ أن اختراعه قوى آلية القتل والدمار وضاعف عدد ضحاياه من الأبرياء العزل. ولذلك حاول تخفيف حدة وخز ضميره فكتب وصيته في باريس قبل عام على وفاته بشأن اقتطاع جزء من ثروته الضخمة واستثمارها في جائزة تسمى باسمه وتمنح أشخاصا يقدمون خدمات جليلة للإنسانية عبر طرق عديدة منها الاستثمار في السلام وغرسه في العقول.

وبرغم مرور أكثر من قرن على إرساء الجائزة، فإن أهم جدل حول الأشخاص الذين يمنحون جوائز نوبل هو ذلك الذي يتعلق بأولئك الذين يحصلون على جائزة نوبل للسلام. وهو اليوم حال الجدل القائم في ما يخص ترشيح الرئيس فلاديمير بوتين لنيل الجائزة.

فأسر ضحايا الحروب التي اضطلع فيها بوتين بدور ما لاسيما لدى المدنيين العزل ومنهم مثلا ضحايا الحرب الحالية في شرق أوكرانيا لا تفهم اليوم معنى ترشيح بوتين لنيل الجائزة والحال أن عدد ضحايا الحروب التي تسبب فيها بشكل أو بآخر من المدنيين كبير.

ولكن الذين يعتقدون أنه يستأهل "سلام نوبل" يذكرون بأنه حال دون شن حرب غربية بقيادة الولايات المتحدة على سوريا للإطاحة بنظام الرئيس السوري بسبب ما يرتكبه هذا النظام  من جرائم ضد الشعب السوري. ويقول هؤلاء إن هذه الحرب لو شنت، لكان عدد ضحاياها من الأبرياء في منطقة الشرق الأوسط ضخما. ويذكرون أيضا بأن بوتين هو الذي كان وراء تدمير الترسانة الكيميائية السورية.

ويلاحظ أن الجدل ذاته رافق حصول بعض الشخصيات الإسرائيلية والأمريكية على جائزة "نوبل للسلام" بسبب مواقفها من القضية الفلسطينية على سبيل المثال. فكثيرون يقولون اليوم إن إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق والذي تقاسم الجائزة مع الزعيم الراحل ياسر عرفات والرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز عام 1994 كان فعلا من الشخصيات الإسرائيلية العسكرية القليلة التي اقتنعت بأن القوة العسكرية لا يمكن أن تولد السلام في عقول الإسرائيليين والفلسطينيين، فدفع من جلده ثمنا باهظا لهذا الاستثمار.

عرفات وبيريز ورابين في حفل استلام "نوبل للسلام" عام 1994 (الصورة من ويكيبيديا)
عرفات وبيريز ورابين في حفل استلام "نوبل للسلام" عام 1994 (الصورة من ويكيبيديا)

ويرى أصحاب هذا الرأي أن بيريز على عكس ذلك كان دوما طوال مشواره السياسي غير قادر على التخلي عن منطق البزة العسكرية  برغم أنه كان يفضل الزي المدني والإسهاب في الحديث  عن السلام في مناسبة وغير مناسبة. ويذكر هؤلاء بأن حزب العمل الإسرائيلي الذي كان بيريز من زعمائه هو الذي أسس لسياسة الاستيطان الإسرائيلية ومكن لها وغذاها. وتظل هذه السياسة  عقبة كبيرة أمام السلام في الشرق الأوسط لاسيما بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

الجدل ذاته احتد بعد حصول الكاتب الأمريكي إيلي فيزيل الذي يبدع باللغة الفرنسية على الجائزة  عام 1986 لأنه كان من الذين ساعدوا كثيرا عبر كتاباته ومواقفه على الكشف عن الجرائم النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. ولكنه كان منحازا كثيرا إلى الطرف الإسرائيلي في مواقفه من القضية الفلسطينية.

ومما يساعد في أحيان كثيرة على تخفيف حدة مثل هذا  الجدل، فوز أشخاص بجائزة نوبل للسلام يستأهلون الحصول عليها ألف مرة. ومنهم مثلا الأم تيريزا الألبانية الأصل والتي ولدت عام 1910 وتوفيت عام 1997. وقد نالت الجائزة عام 1979. ويقول المدافعون عن هذه المرأة إنها قضت حياتها في مساعدة المستضعفين والفقراء وكانت بحق سفيرة السلام وداعية فعلية لحوار الحضارات والديانات والتضامن بين الشعوب.

ومما يدعم هذا الطرح أن الأم تيريزا حصلت على جنسيات بلدان كثيرة كانت ولا تزال مسرحا لحروب الديانات والحضارات. فقد كانت وهي شابة تحمل جنسية الإمبراطورية العثمانية ثم حصلت في ما بعد على جنسيات كثيرة منها الصربية والبلغارية واليوغسلافية والهندية.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية