تونس تنتخب: هلموا هلموا من أجل الوطن!
"هلموا .. هلموا .. من أجل الوطن"، "بعد ملحمة 14 جانفي 2011 اليوم نختار تونس اللي نحبها" "إلى صناديق الاقتراع هبوا بروح المسؤولية" ... هذه عينة من "مانشيتات" كبريات الصحف التونسية الصادرة اليوم والتي حثت التونسيين على التصويت بكثرة في أول انتخابات تشريعية تعرفها البلاد منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي عام 2011.
نشرت في: آخر تحديث:
الكل هنا يحث على إعطاء هذه الانتخابات زخما وإضفاء شرعية على نتائجها...
منذ الصباح الباكر، تجوب سيارات مأجورة تحمل شعارات "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، شوارع العاصمة وتدق المزامير وتحث المواطنين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع، حتى أن وزير الداخلية قام بنفسه بجولة مشيا على الأقدام في شارع الحبيب بورقيبة المحاذي لوزارة الداخلية بعد أن أدلى بصوته في مدرسة قريبة من "باب بحر" على مدخل المدينة العتيقة. ولا عجب في هذا ما دامت نسبة المشاركة هي التحدي الكبير اليوم لأنه يتوقف عليها إلى حد كبير مسألة تكريس الشعب التونسي لعملية الانتقال السياسي ولمنح المجلس التشريعي المنتخب تفويضا شعبيا للمضي في القرارات الصعبة، خاصة وأن النظام شبه البرلماني الذي تم الاتفاق عليه سيكون أمام تحديات جسمية في طليعتها مكافحة الإرهاب والنهوض باقتصادات البلاد والتخفيف من الاستقطاب الداخلي ورأب الهوة بين طبقات المجتمع التونسي من الأكثر فقرا إلى الأكثر ثراء.
هنا، في ضاحية "بن عروس" المحاذية لتونس العاصمة، اصطفت طوابير المصوتين منذ الصباح الباكر لا سيما أمام مدرسة حي الملعب. وسط هدوء واستبشار، جاء العديد من التونسيين للانتخاب. واللافت أن إقبال النساء والشباب كبير جدا في الساعات الأولى لافتتاح مراكز الاقتراع.
الابتسامات تظهر فخر العديد من التوانسة لأنهم اليوم يصوتون في أولى انتخابات تشريعية حرة. هذا الفخر مرده أيضا إلى أن العالم يرقبهم ويحييهم ووفود الصحافيين تصورهم وتواكب خطواتهم داخل المركز.
سألتني إحداهن "مونت كارلو؟ تلفزيون أنتم؟ "، فأجبتها أنني أمثل إذاعة فرنسية تتحدث اللغة العربية، وسألتها عن شعورها في هذا اليوم فأجابتني وهي سيدة في الأربعين أنها سعيدة وفخورة جدا وأنها جاءت للتدلي بصوتها بعد أن حضّرت الغذاء لأطفالها باكرا، وتقول أيضا إنها ترددت في المجيء ولكن أبناءها أقنعوها بأهمية التصويت ولو بورقة بيضاء حتى لا يسرق صوتها. سألتها عن عمر أبنائها فضحكت حتى برزت سن الذهب في فكها العلوي وقالت " 12 و16" سنة "ريت فمة ديمقراطية حتى في ديارنا" أي "أترين؟ هناك ديمقراطية حتى في بيوتنا!"
في مدخل المدرسة، اصطفت مجموعة من الناخبين تبحث عن أسمائها في السجلات المعلقة أمام المدخل، ضوضاء خفيفة وتساؤلات وابتسامات تخفي قلقا باديا. "منوبية" المعلمة في مدرسة ابتدائية، تجشمت عناء المجيء من بيتها الذي يقع في حي بعيد للتصويت لأنها تريد أن تسجل حضورها كتونسية في هذا الحدث الذي تشهده بلادها. تقول: "لم أكن في البداية مقتنعة بالانتخاب، لأنني لست مقتنعة بالأحزاب وبما تقدمه، أنا لا أثق بها لكنني قلت في نفسي إنه من واجبي أن أنتخب خصوصا عندما رأيت في التلفزيون مشاهد رجال الأمن الذين قُتلوا للدفاع عن تونس ... ولكنني لم أجد اسمي! أيعقل هذا؟ بعد كل هذا لا أجد اسمي؟ إنها خيبة أمل كبيرة" امتلأت عيناها بالدموع وأضافت "لو مش عيب نبكي أنا كبيرة قدام الناس لكنت بكيت... واش نقول.. حكم القوي على الضعيف...".
رجل آخر دخل على خط الحديث أراني في هاتفه النقال أن رقمه الانتخابي هو 178 وأراني على القائمة أن الشخص المسجل تحت هذا الرقم سيدة! رجل ثالث تساءل عن مغزى اختفاء الأسماء من القوائم. جاء مع زوجته الحامل لينتخب، فانتخب هو وظلت هي تبحث عن اسمها .. "واش معناها يعني ..ممكن حد يفسرلي وعلاش تختفي الأسماء المسجلة من القوائم الانتخابية ؟ "
في ضاحية "بن عروس" الشعبية فئات اجتماعية غالبيتها تتحدر من الطبقات المتوسطة والفقيرة. هنا سجلت عدة خروقات في انتخابات المجلس التأسيسي الأخيرة عام 2011، إلى درجة تأخير ظهور النتائج النهائية آنذاك.
رامتان عوايطية - موفدة مونت كارلو الدولية إلى تونس
مواضيع متعلقة:
الانتخابات في تونس: موسيقى واختلاف بلا خلاف عشية الانتخابات في شارع الحبيب بورقيبة
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك