عودة الحرارة إلى العلاقات العراقية السعودية؟
نشرت في:
تشكل الزيارة التي يقوم بها الثلاثاء الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى المملكة العربية السعودية منعطفاً هاماً في تاريخ العلاقات بين البلدين التي عاشت منذ سقوط نظام صدام حسين مرحلة عاصفة وصلت في بعض الأحيان إلى حد التحدي والقطيعة. ومصدر هذه البرودة يكمن أساساً في الخيارات السياسية والدبلوماسية للبلدين في إدارة الأزمات الإقليمية أو تنظيم السلطة في بغداد أو العلاقة مع إيران التي تعتبرها السعودية منافسها الأساسي في المنطقة.
ظلت هذه العلاقات على حافة الانفجار طيلة المدة التي حكم فيه الزعيم الشيعي نوري المالكي العراق. تبادل البلدان الاتهامات لدرجة أعطت الانطباع أن السجال السياسي سيترك مكانه للغة السلاح والمواجهة العسكرية. السعودية خلصت وقتها إلى نتيجة مفادها أن المالكي يتبع سياسية طائفية ترجح كفة العنصر الشيعي في البلاد على حساب باقي مكونات المجتمع العراقي وخصوصاً السني منها، في حين كان جواب النظام العراقي أن وجه اتهامات عنيفة إلى القيادة السعودية وبعض الدول الخليجية بتمويل وتشجيع الإرهاب في المنطقة.
وفي بداية ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي الذي استولى على مناطق واسعة من سوريا والعراق بعد هزيمته للجيش العراقي وجهت بغداد أصابع الاتهام إلى السعودية بالوقوف وراء التنظيم ودعمه بالأموال والعتاد والبشر. جاءت أيضاً هذه الاتهامات على خلفية الخلاف بين البلدين في ما يخص الأزمة السورية، ففي الوقت الذي انخرطت فيه السعودية بطريقة قوية في مسلسل الإطاحة ببشار الأسد، اختارت بغداد أن تتحالف مع النظام السوري لمحاولة رفع الضغط عن دمشق والسماح لهما بالإفلات من الحصار الإقليمي.
تأتي هذه المنافسة السياسية بين الرياض وبغداد في سياق صراع تاريخي بين العربية السعودية وإيران في ما يعرف إعلاميا بـ"الصراع السني/الشيع" الذي اتخذ من سوريا لبنان والعراق مسرحا له. نزلت السعودية بكل ثقلها السياسي والدبلوماسي لإقناع المجموعة الدولية بضرورة تغيير هوية الحاكمين في بغداد ومن ثم اختيار حيدر العبادي أو فؤاد معصوم مع فريق حكومي جديد أقل تقوقعاً حول طائفة معينة وأكثر انفتاحاً على باقي مكونات المجتمع العراقي وهو ما رأت فيه المجموعة الدولية وسيلة لنزع فتيل الغضب والحرمان في العراق الذي يساعد على تكوين البيئة الحاضنة للإرهاب.
زيارة معصوم إلى السعودية تفتح إذن صفحة جديدة في واقع العلاقات بين البلدين، لكن ذلك لا يمنع من استمرار التساؤل الكبير الذي يطرح نفسه عند أي تحرك دبلوماسي عراقي: ما هو هامش المناورة الذي تتركه إيران للقيادة العراقية بقصد بلورة سياسة حسن جوار مع دول الخليج السنيّة التي تنظر إليها طهران على أنها منافسها اللدود في السيطرة على المنطقة؟
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك