اليونان

جيجك يكتب عن الحاجة الماسة لنصر "سيريزا" في اليونان

تسيبراس زعيم "سيريزا" مع جيجك (يسار) خلال زيارة للأخير إلى أثينا دعماً للحزب اليساري (فيسبوك)

يدافع الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجك منذ زمن عن تجارب اليسار الراديكالية الناشئة في أوروبا، وخاصة منها تجربتي "سيريزا" بزعامة أليكسيس تسيبراس في اليونان و"بوديموس" بزعامة بابلو إيغليسياس في إسبانيا، ويعتبرها مدخلاً "ضرورياً" للحفاظ على "ما يستحق الحفاظ عليه في إرث أوروبا" كالديمقراطية والثقة بالشعوب والتضامن والمساواة.

إعلان

قبل أيام ثلاثة من انتخابات يوم الأحد 25 كانون الثاني في اليونان، كتب جيجك نصاً طويلاً في مجلة " In These Times" الاشتراكية الأمريكية نظّر فيه إلى "الحاجة الماسة لنصر "سيريزا" في اليونان". أعاد الفيلسوف الماركسي التذكير في مطلع مقاله بنظريته حول وهم الاختيار الحر في ظل النظام الرأسمالي، كما يتجلى مثلاً في الانتخابات الأوروبية التي يتناوب عليها حزبان (يمين الوسط ويسار الوسط) لا يكاد يمكن التمييز بين برنامجيهما على المستويات كافة. وتبدو بالتالي اختيارات الأفراد بالنسبة للنظام القائم (Establishment) خاطئة ومدمرة إذا لم تتوجه نحو "الخيار الصحيح" الذي يفيد في إبقاء الأوضاع القائمة على ما هي عليه، أو بعبارات جيجك "تغيير كل شيء لضمان عدم تغيير أي شيء!".

بالنسبة لجيجك، فإن انتخابات اليونان ليست على شاكلة مثيلاتها الأوروبيات، فهي تنضوي هذه المرة على "اختيار حقيقي" بين النظام وممثليه السياسيين من جهة وبين تحالف اليسار الراديكالي الذي ستترتب على نجاحه تغييرات من طبيعة راديكالية على مستويات اقتصاد واجتماع وسياسة اليونان وربما أوروبا كذلك. يقول جيجك: "وكما هو الحال في الغالب، تصيب لحظات كهذه من "الخيار الحر" النظام بالذعر فيقوم برسم صورة فوضى اجتماعية وفقر وعنف في حال فاز الخيار الخاطئ". غير أن المرء يخطئ إذ يقلل من قدرة رأس المال التدميرية خاصة حين تدمج مع تخريب بيروقراطية الدولة اليونانية الفاسدة والزبائنية. فما الذي يمكن توقعه من حكومة "سيريزا" المقبلة في ظل أوضاع أوروبية ضاغطة وبلد مدمر اقتصادياً؟ هل تملك فعلاً أي قدرة على تغيير قواعد اللعبة وفرض أجندتها المناهضة للتقشف؟

للجواب على هذه الأسئلة يعرج جيجك على نقد كتاب "رأس المال في القرن 21" للباحث الفرنسي توماس بيكيتي، الذي يثير منذ صدوره ضجة كبرى في الأوساط الأكاديمية والثقافية، فيخلص بسرعة إلى أن فكرة الكتاب الأساسية القائمة على زيادة الضرائب تقرّ ضمناً بأن "الرأسمالية هي اللعبة الوحيدة المقبولة في المدينة" وأن مهمة السياسيات الحكومية هي محاولة التخفيف من آثارها التمييزية والسيطرة على نزوع الماكينات الرأسمالية إلى الاستغلال بلا حدود بالإضافة إلى القيام بإعادة توزيع عادلة للثروة. غير أن ذلك بالنسبة لجيجك لا يعدو كونه "يوتوبيا" غير ممكنة التحقق بسبب حاجتها إلى قوة ضبط من طبيعة دولية لم تكن أبداً متوفرة ويصعب إلى حد الاستحالة توفرها في ظل الرأسمالية المعولمة.

لكن ما العمل بالنسبة للديون الهائلة المترتبة على اليونان وغيرها؟ يعتقد جيجك أنه، على العكس مما يمكن اعتقاده، فإن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لا يرغبان أبداً في أن يتم الإيفاء بديونهما وذلك للحفاظ على تبعية الدول المدينة واستمرار القدرة على التأثير في استقلالها المالي فيما يسميه بسياسة "التمديد والادعاء"، أي تمديد فترة السداد إلى ما لانهاية والادعاء أن كل الديون سيتم سدادها. إن "الدين هو أداة للسيطرة على المدين والتحكم به، وهو يسعى، باعتباره كذلك، إلى إعادة إنتاج نفسه بشكل موسع". وبذا، فإن شطب ديون اليونان، التي يعلم الجميع أنها لن تسدد أبداً، هو الحل الوحيد المقبول بتكلفة اقتصادية معقولة للخلاص من حلقة مفرغة قطباها "تكنوقراطية بروكسل النيوليبرالية الباردة" وأحزاب اليمين المتطرف المعادية للمهاجرين.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية