ثقافة - مسرح - مصر

مسرحية "زوايا": شهادات من الثورة من أجل البقاء

"لا تصدق كل ما ستسمعه ولا حتى ما سأحكيه"، تقول إحدى الشخصيات الخمس في عرض "زوايا" المسرحي من إخراج حسن الجريتلي في دعوة لمساءلة التاريخ والتأمل بما آلت إليه الأمور اليوم بعد زمن الثورات.

صورة من عرض لمسرحية "زوايا" في باريس (مونت كارلو الدولية)
إعلان

فن الحكي وإعادة قراءة ثورة يناير المصرية من زوايا ووجهات نظر مختلفة انطلاقا من شهادات أفراد وشخصيات نمطية وهامشية، تلك هي مسرحية "زوايا" التي اختتمت في آخر مارس/آذار 2015 عروض "أدوار الربيع" التظاهرة الثقافية التي أقيمت في المسرح الدولي الفرنكوفوني "لوتارماك" في باريس.
 
عروض إضافية لعرض "زوايا" تقدم بعد المحطة الباريسي في بلجيكا ثم في مصر حيث تعرف إليها الجمهور في مهرجان "وسط البلد" العام الماضي. 
 
يعتمد عرض "زوايا" على مونولوجات وشهادات حية تم جمعها لنماذج حقيقية شاركت في ثورة يناير 2011. وقد كتب سيناريو الشهادات الروائي شادي عاطف. كما تخلل العرض أغنيات من تأليف شادي عاطف ومحمد السيد ووائل فتحي، الشعراء الذين عاشوا حياة "ميدان التحرير" خلال هذه الفترة، فجاءت مكملة لعملية السرد وغناها كفواصل بين كل مونولوج المطرب والملحن ياسر المغربي مشكلا الشخصية السادسة على المسرح غناء وعزفا على العود.
 
ديكور متقشف من خمسة كراسي لشخصيات خمس تنتقل كل منها بدورها إلى كرسي أمامي لتسرد للجمهور حكايتها الخاصة مع الثورة بعيدا عن ضجيج الساحات والهتافات واللحظات التاريخية. فالأحداث والروايات تدور حول فترة الأيام الثمانية عشر منذ اندلاع الثورة وحتى تنحي حسني مبارك. 
 
العرض من تمثيل أحمد شكري وحسن أبو الروس  وداليا الجندي وسيف الأسواني وعارفة عبد الرسول، أعضاء فرقة "الورشة" المستقلة التي أسسها حسن الجريتلي عام 1987.
 
 يتقدم شاب "الالتراس" الأهلاوي ليسرد ظروف ودوافع مشاركته بالثورة، ويتكلم عن الأزمة بين المشجعين وأجهزة الداخلية القمعية حتى مجزرة بور سعيد. ثم تأتي شهادة البلطجي الذي شارك في الثورة أثناء اشتباكات 28 يناير والتي دامت ست ساعات، وقد عبر بلغة الفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها، ولذا كان استراق النظر إلى الترجمة الفرنسية ضروريا لفهم المعنى حتى لجمهور يفهم العربية وحتى اللهجة المصرية.
   
 "أنا ماعرفش لحد دلوقتي اللي حصل ده ثورة ونجحت ولا لأ" كان هذا السؤال الذي توقفت عنده الشاهدة الثالثة وهي ناشطة في إحدى منظمات حقوق الإنسان، تحكي عن مشاهدتها الجثث في المستشفيات مع أهالي الضحايا وعن الإهمال فيها عقب الأحداث الأولى من الثورة المصرية. أما الشهادة الرابعة، فكانت لضابط الجيش الذي حكى عن الجنود المشاركين في أحداث الثورة وقدم وجهة نظر مختلفة عما قدمه الإعلام. وأخيرا الشهادة المؤثرة لأم قتيل الحوامدية "أحمد سالمان تغيان" الطالب في الثانوية الذي قتل أمام قسم الحوامدية وهو في السابعة عشرة من عمره دون أن يكون مشاركا في الثورة،  فقد خرج من درس خاص ووقف يتفرج على الأحداث في طريق عودته إلى البيت.
 
انتهت المسرحية بنزول الأم من المسرح وتقدمها من الجمهور موزعة له صورة ابنها كي لا ينسوا ربما محاسبة القاتل أو التاريخ.
 
قليل من الحضور ترك "صورة الشهيد" على المقعد حاملا في رأسه تساؤلات كثيرة. صورة وصيّة محمّلة بشحنة كبيرة من ألم كل من فقد قريبا أو حبيبا في مواسم الربيع الماضية. لم يسعني إلا أن أضعها في الكتاب الذي اقرأه حاليا على أن أنقّلها إلى كتب المواسم الأخرى، كي لا أنسى!  
 
 
 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية