فرنسا - اقتصاد -حكومة
هل يكون الاقتصاد الورقة الأخيرة لإنقاذ اليسار الحاكم ؟
تسابق الحكومة الفرنسية الزمن، قبيل عام 2017، من أجل استعادة ثقة الشارع. وتعتمد الحكومة في سعيها هذا على تعميق الإصلاحات الاقتصادية. وتعتزم تعميقَ الإصلاحات الاقتصادية وتسريعَ وتيرتِها. هذا ما كشف عنه رئيس الحكومة مانويل فالس في محاولةٍ لاحتواء الأوضاع غداة النتائج المخيبة لآمال اليسار في انتخابات الأقاليم.
نشرت في:
إعلان
وتتضمن حزمة الإصلاحات الإضافية إعطاء أرباب العمل مرونة أكثر في ما يخص اتفاقات الإبقاء على الموظفين من أجل تشجيعهم على التوظيف. فهناك نوع خاص وجديد من العقود يسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بتسريح موظفيها بعيداً عن المساءلة القانونية، شرط أن تثبت تعرضها لصعوبات مالية يتعذر معها الإبقاء على الموظف. وتعهد فالس في الوقت ذاته بعدم المساس بالعقود الدائمة المسماة"CDI"
هولاند يعلن عن المزيد من الحوافز الضريبية
كعادته، يحرص الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على الإعلان عن أي إجراءات اقتصادية جديدة من قلب مؤسساتٍ تلعب دوراً مباشراً في الاقتصاد، كالشركات والمصانع. وهذه المرة، كشف هولاند، خلال زيارته إلى أحد المصانع الواقعة في اقلي "الواز" شمال البلاد، عن سلسلة من الإجراءات التحفيزية لصالح الاستثمار وتعزيز النمو.
وأوضح رئيس البلاد أن الإجراءات الجديدة، التي تدخل حيز التنفيذ خلال الأشهر المقبلة، تهدف بشكلٍ خاص إلى دعم القطاع الصناعي، أكثر القطاعات قدرةً على خلق الوظائف، قائلاً: "من دون صناعة لا توجد حياة"، في كلمةٍ ذكّر فيها بخطط "النهوض الاقتصادي" التي بدأت مع توليه الحكم عام 2012.
وفي إطار دعم الاستثمار، أعلن هولاند عن ثلاثة إجراءاتٍ محددة للدفع بالمصانع والشركات الصغيرة والمتوسطة نحو تطوير خطها الإنتاجي وبالتالي زيادة نسبة مساهمتها في النمو الاقتصادي لفرنسا. وتتمثل تلك الإجراءات في تخصيص 8 مليار يورو ل"قروض التنمية" التي سيقدمها البنك الأهلي للاستثمار إلى الشركات التي تحتاج إلى استيراد أو شراء معدات جديدة لتطوير أنظمتها الإنتاجية، وأيضاً بعض الحوافز الضريبية التي تشمل استرداد المجالس المحلية النشطة في مجال الاستثمار لقيمة ضريبة القيمة المضافة.
وبالإضافة إلى ذلك، تحدث رئيس الدولة عن إنشاء "صندوق للاستثمار" برأس مالٍ يتجاوز 500 مليون يورو، بالشراكة مع كبرى مجموعات التأمين الفرنسية، الأمر الذي سيوفر رأس المال اللازم لتمويل الشركات بدءاً من الشهر القادم.
الحكومة الفرنسية متفائلة و"ماكرون" يتجه إلى تقديم مشروع قانونه الثاني
تأتي هذه الإصلاحات في الوقت الذي عبر فيه رئيس الحكومة عن تفاؤله بقدرة الاقتصاد الفرنسي على بلوغ معدل نمو يمكن أن يصل إلى 1.5% وهو الخط الفاصل الذي يبدأ عنده خفض البطالة. واعتمد فالس في توقعاته على ارتفاع مؤشر ثقة المواطنين والذي ترجمته زيادة في معدلات الاستهلاك بنحو 0.1% خلال فبراير- شباط الماضي.
لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الانتعاش يعتمد على عوامل خارجية تتمثل في تراجع كلٍ من أسعار النفط ومعدلات الفائدة وسعر صرف اليورو. وهو ما يجعل الانتعاش أقوى في الدول الأوروبية المجاورة.
من هنا يمكن تفسير تركيز الحكومة الفرنسية على تشجيع الاستثمار الذي تحدث عنه هلموت شميت المستشار الأسبق لألمانيا الغربية سابقا في نظريته قائلا "استثمار اليوم هو نمو الغد ووظائفه "
وفي الوقت الذي تقرر فيه مناقشة قانون "ماكرون" في مجلس الشيوخ، يعتزم وزير الاقتصاد الفرنسي إمانويل ماكرون تقديم ملحق بمشروعه الأول تحت عنوان "ماكرون اثنان" يقدم حزمة من "التسهيلات القانونية والإدارية" للشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بالإضافة إلى "إجراءاتٍ لدعم الاستثمار الخاص".
وكان إيمانويل ماكرون وزير الاقتصاد الفرنسي قد ذكر في آخر تصريحاته بأن الحكومة تسعى إلى تشجيع الاستثمار الخاص بعد أن ساهم الاستثمار الحكومي في "خطتي المستقبل" اللتين أطلقهما هولاند في إنعاش الاقتصاد. فالمبالغ التي ضختها الحكومة في الاقتصاد العام الماضي والمتمثلة في 1.5 مليار يورو أثمرت عن 3.5 مليار يورو ساهمت في إنعاش الاقتصاد الفرنسي، وهو ما حفز الحكومة على الاتجاه هذه المرة إلى القطاع الخاص القادر على استثمار أضعاف تلك المبالغ.
وبعد أن عملت الحكومة الفرنسية على رفع مستوى تنافسية الشركات والمصانع الفرنسية من خلال خفض التكلفة، سواء المتعلقة باليد العاملة أو بالضرائب، يأتي اليوم دور إجراءات حفز الاستثمار بوجه خاص في البحث والتنمية والأنظمة الرقمية، ليكمل مسيرة النهوض الاقتصادي، وفقا لتصريحات ماكرون. لكن يبقى السؤال التالي مطروحا : إلى أي مدى يمكن أن تساعد العوامل الخارجية وبيئة الاستثمار العالمية في تمكين الذين يراهنون في الحكومة الفرنسية على الورقة الاقتصادية لمحاولة فتح آفاق أمام اليسار ولاسيما الحزب الاشتراكي في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ومنها بالتحديد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2017 ؟
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك