السعودية

جدل بشأن مركز حول الفكر الوهابي في السعودية

يبدو المركز الجديد للأبحاث حول الفكر الوهابي الذي سيتم افتتاحه قرب الرياض ترسيخا لمنهج إسلامي يعتبر غير متسامح أو ‏متشددا. ‏

فيسبوك
إعلان

والمركز المبني من الحجر الجيري وتضيء معظمه جسور زجاجية مغلقة، جزء من مشاريع ضخمة للتطوير برعاية العاهل ‏السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.‏

والمركز يهدف إلى تكريم للشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية في القرن الثامن عشر والذي شارك في تأسيس الدولة ‏السعودية.‏

ويشكل المركز دلالة واضحة على أن إرثه الفكري لا يزال محوريا في السعودية رغم عقيدته الصارمة والاتهامات الكثيرة ‏الموجهة إليه اليوم بأنه يغذي تطرف السنة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك ‏تنظيم "الدولة الإسلامية".‏

وفي المركز مقاه وأشجار نخيل تزينها أضواء. ويقع المشروع في الدرعية، مسقط رأس آل سعود السلالة الحاكمة، ويشمل ‏منطقة الطريف التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) على لائحة التراث العالمي.‏

وقال عبد الله الركبان مدير اللجنة العليا لتطوير الدرعية إن للمركز "قيمة تاريخية كبيرة جدا بالنسبة إلى الحكومة وبالنسبة ‏إلينا".‏
‏ ‏
‏ وفي الدرعية، تأسست الشراكة بين عبد الوهاب وزعيم محلي آنذاك هو الإمام محمد بن سعود، مما أسفر عن وضع الأسس ‏التي قامت عليها مملكة اليوم واعتمادها على تعاليم رجل دين خطها قبل 270 عاما.‏

‏ وفي عام 2000 ولدت فكرة المشروع الذي سيتم الانتهاء منه بحلول أواخر العام المقبل.وقدت عملية إنجاز المشروع عبر ‏تجديد منطقة الطريف، واستعادة مجتمعها القديم كواحة. كما أن بناء مساحات خضراء أمر مهم في قلب شبه الجزيرة العربية.‏

ومن مكونات المركز متاحف صغيرة تسعى إلى تقديم فكرة عن الحياة إبان الدولة السعودية الأولى التي استمرت خلال ‏الفترة الممتدة من عام 1744 إلى عام 1818 والتي أطاح بها تحالف تركي مصري.‏
‏ ‏
تحالف مهم

ويضيف الركبان فقال : "نحاول الحفاظ على بيئة الدرعية من حيث الطبيعة والألوان والهندسة المعمارية الأصلية".ورغم ‏أن الطريف في صلب المشروع البالغة قيمته 750 مليون ريال (200 مليون ‏
دولار)، فإن مركز الأبحاث المجاور يجسد تكريم الشيخ محمد بن عبد الوهاب كمشارك مؤسس للدولة وكشف "الحقيقة ‏حول تراثه الفكري"، بحسب الركبان.‏

وسيضم المركز أيضا مكتبة تتضمن كتبا ووثائق حول تعاليم الشيخ ستكون متاحة للبحوث فضلا عن الوسائط المتعددة في ‏‏"قاعة تذكارية" توضح الحركة الدينية التي استوحاها.وفي وسط المجمع، تجسيد حديث للمكان الذي كان يصلي فيه الشيخ.‏

ويرى الركبان أن "وسائل الإعلام " تسعى إلى ترويج صورة خاطئة عن محمد عبد الوهاب الذي دعا إلى العودة إلى الإسلام ‏كما مارسه الجيل الأول من المسلمين.‏

‏ وقد منح الاتفاق مع آل سعود الشرعية الدينية للحكام من الأسرة المالكة التي تطبق في المقابل نسخة صارمة للشريعة حددها ‏الشيخ.‏

ولا تزال الشراكة مستمرة حتى يومنا هذا، مع إحكام الأسرة المالكة قبضتها على الحياة السياسية، في حين يواصل رجال الدين ‏المتزمتون الوعظ حول سلوكيات صارمة تجعل من السعودية أكثر البلدان تشددا في العالم.‏

ويحظر على النساء قيادة السيارات. وليس هناك اختلاط بين الجنسين، كما أن دور السينما والكحول ممنوعة، في حين يتهم ‏الوعظ المتشدد المرتبط بالفكر الوهابي بإلهام المتطرفين من أسامة بن لادن إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".‏
‏ ‏
رجل دين متشدد

‏ لكن عرفان العلوي المدير المشارك لمؤسسة "أبحاث التراث الإسلامي" ومقرها مكة المكرمة،يرى أن تكريم عبد الوهاب ‏والحفاظ على الدرعية هو "نفاق" في الوقت الذي "تجري فيه إزالة التراث الإسلامي" في أماكن أخرى في المملكة".‏

‏ ويضيف متسائلا : "إذا كنت تريد تكريم رجل دين متطرف، فلماذا لا تكرم النبي؟ ". ويضيف علوي وهو مؤيد بارز ‏للتعددية في الإسلام، قائلا إنه تماشيا مع تعاليم عبد الوهاب ضد الأوثان، فان السلطات لم تبذل أي جهد للحفاظ على المواقع ‏المرتبطة بالنبي محمد في مكة المكرمة والمدينة المنورة.‏

ويشدد على اختفاء عدد من هذه المواقع التراثية خلال عملية التوسيع في الحرمين المكي والنبوي. وعلوي من بين القائلين إن ‏الوهابية تشكل مصدر إلهام لتنظيم "الدولة الإسلامية".‏

‏ ويقول في هذا الصدد "هناك أولا الفكر الوهابي ومن ثم ما تفرع عنه من أفكار أصبحت أكثر تشددا". ‏

إلا أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس ستيفان لاكروا يقول إن "السعودية ليست داعش" مشددا على أن عبد الوهاب ‏ترك السياسة للسياسيين. ويضيف قائلا : إن "السلطة السياسية تضع عددا من القيود على السلطة الدينية تؤدي نوعا ما إلى ‏الحد من التطرف" مشيرا إلى أن بعض الشبان "لا يشعرون بأنهم وهابيون على الإطلاق" في ظل التغييرات والتأثيرات ‏الحديثة في المجتمع.‏

وفي نيسان-أبريل الماضي افتتح الملك سلمان جزءا من المشروع يتضمن حدائق ومطاعم في البجيري التي تطل على أنقاض ‏الطريف.وفي إحدى الليالي مؤخرا، جلست نساء على المقاعد في حين كانت الأسر تدفع عربات الأطفال عبر الساحة ‏المركزية.‏

 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية