أصدقاء بوتين: تهريب الأموال في نظام المحاسيب الروسي
من بين 140 زعيماً سياسياً حول العالم اختار "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" البدء بمجموعة يظهر على رأسها مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قائمة أصحاب الثروات الذين استفادوا من تهريب أموالهم باتجاه ملاذات ضريبية كشفتها مجموعة ثمينة من الوثائق المسربة أطلق عليها اسم "وثائق بنما".
نشرت في:
وكشفت البيانات كيف أن محيطين بالرئيس بوتين وأصدقاء له جمعوا على مدى سنوات مئات الملايين من الدولارات من المال العام في خدمة الأوليغارشية الروسية الحاكمة.
جميعهم من أصدقاء بوتين من مدينة سانت بطرسبرغ أو جوارها في وقت كان الرئيس الروسي ما يزال ضابطاً في الاستخبارات الروسية ويعمل في الظل كـ"مستشار" للمتنفذين في النظام وخاصة رئيس بلدية سانت بطرسبرغ.
قام أصدقاء بوتين خلال التسعينات من القرن الماضي بتأسيس شركة تعاونية باسم "Ozero" لبناء المنازل الريفية في المنطقة. مع وصوله إلى السلطة، اعتمد بوتين عليهم وبعضهم شغل منصب وزير أو هم اليوم من كبار المليارديرات على رأس الأوليغارشية الحاكمة في هذه المنطقة من الاتحاد السوفيتي السابق.
وتعترف وسائل الإعلام التي درست الوثائق طوال عام كامل بالإبداع اللامحدود في التقنيات التي استخدمت لإخراج مبالغ طائلة من روسيا. من تلك التقنيات مثلاً قروض منحتها البنوك العامة الروسية ولم يتم سدادها أبداً وقروض تم تناقلها من يد إلى يد حتى تبخر أي أثر لها، بالإضافة لبيع أسهم وهمية ورسوم لاستشارات غامضة وتعويضات مقابل عمليات تجارية مزعومة لم تتم... وهكذا تم تهريب ما يقرب من مليار يورو إلى الكاريبي بين عامي 2009 و2011 عبر خلال شركات وهمية.
واستخدام النظام الروسي لشركات Offshore سمح له بتحكم سرّي متنامي على القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد بما في ذلك وسائل الإعلام. ورغم البراعة في اختراع وسائل التهريب، إلا أن الوثائق تدل على أن محامي مكتب "موساك فونسيكا" كانوا يشتكون من "تهور الروس" في بعض الأحيان. من ذلك ما ذكره أحد مؤسسي المكتب عام 1999 في مذكرة داخلية حول قروض غير المضمونة بقيمة 92 مليون يورو بالقول "سنواجه مدفوعات من أصول مشكوك فيها إلى وجهات مشكوك فيه".
وكان محور عمل تلك الشركات في سانت بطرسبرغ، بمساعدة شركة سرية من المحامين السويسريين، هو Bank Rossia الذي وصفه البيت الأبيض عام 2014 باسم "بنك محاسيب" النظام وخاصة أحد موظفيه ويدعى يوري كوفالتشوك صديق الرئيس وأحد الشركاء السابقين Ozero الذي يوصف بـ"المصرفي الشخصي" لفلاديمير بوتين.
مقرّب آخر من الرئيس لعب دوراً حاسماً في القضية هو صديقه سيرجي رولدوكين. عازف تشيلو محترف يعمل في مسرح ماريانسكي المرموق وهو كذلك مدير كونسرفاتوار سانت بطرسبرغ. ويعتبر رولدوكين أحيانا أفضل أصدقاء بوتين حيث عرفه على سيدّة ستصبح فيما زوجته وهو كذلك عراب ابنته الصغرى. وكان الموسيقي قد قال صراحة في أيلول/سبتمبر 2014 لـ"نيويورك تايمز" أنه يملك "شقة وسيارة ومنزل ريفي لكن ليس لدي ملايين". صحيح أن هذه الملايين ليست له، ولكنه يظهر بين زبائن سبع شركات Offshore في بنما وجزر العذراء البريطانية ودولة بليز في أمريكا الوسطى.
من الصعب معرفة الوجهة النهائية لهذه الأموال المنهوبة. يحاول الروس الاستثمار في الصناعات الاستراتيجية الروسية، كتلك المحاولة الفاشلة لوضع اليد بمقابل رمزي على الشركة المصنعة للشاحنة Kamaz، الرائدة في المجمع الصناعي العسكري الروسي. غير أن حركة الأموال الوسخة تساهم في تغطية أعمال المقربين والمحاسيب كما تفيد أحياناً في تقديم هدايا صغيرة كمبلغ 7.6 مليون يورو الذي أعيد إلى روسيا عام 2011 لحساب نادي اليخوت الذي يرأسه نجل يوري كوفالتشوك، أحد المساهمين الرئيسين في Bank Rossia.
الرئيس بوتين نفسه منخرط شخصياً في الاستفادة من تلك الأموال فقد مولت نقود بنما أيضاً منتجعاً للتزلج في جوار سانت بطرسبرغ بفضل قروض بقيمة 10 مليون يورو من شركة Offshore كما ساعدت النقود في شباط/فبراير 2013 في إقامة حفل الزفاف الباذخ لإيكاترينا، ابنة بوتين الصغرى، التي دخلت الحفل على عربة ملكية تجرها 3 خيول بيضاء رائعة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك