سوريا

حلب ساحة معارك حاسمة في الحرب السورية

صورة تظهر التدمير الذي لحق بقلعة حلب وبعض الأحياء المجاورة لها (رويترز)

تشكل مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضررا منذ اندلاعه عام 2011، إذ من شأن أي تغيير في ميزان القوى فيها أن يقلب مسار الحرب التي تسببت بمقتل 300 ألف شخص وتهجير الملايين وتدمير البنى التحتية.

إعلان

وبعد إعلانه الاثنين 19 أيلول/سبتمبر 2016 انتهاء هدنة استمرت أسبوعا بموجب اتفاق أميركي - روسي، أعلن الجيش السوري ليل الخميس 22 أيلول/سبتمبر 2016 بدء هجوم في المدينة يهدف وفق مصادر عسكرية إلى استعادة السيطرة على الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة منذ العام 2012.

في قلب الحرب

بعد أسابيع على اندلاع التحركات الاحتجاجية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد منتصف آذار/مارس 2011، شهدت شوارع مدينة حلب تظاهرات طلابية واسعة سرعان ما تم قمعها بالقوة.

ومع تحول الحراك في سوريا إلى نزاع مسلح، شنت فصائل "الجيش السوري الحر" حينها هجوما كبيرا على المدينة في تموز/يوليو العام 2012، انتهى بسيطرتها على الأحياء الشرقية.

وفي مطلع آب/أغسطس من العام ذاته، بدأت قوات النظام التي شنت هجوما بريا استخدام اسلحة ثقيلة في القصف ثم طائرات حربية للمرة الأولى.

وتشهد المدينة منذ ذلك الحين، معارك شبه يومية بين قوات النظام في الأحياء الغربية والفصائل المعارضة في الأحياء الشرقية.

مدينة مدمرة

منذ مطلع العام 2013، بدأت قوات النظام قصف الأحياء الشرقية بالبراميل المتفجرة التي تلقيها المروحيات والطائرات العسكرية، ما تسبب بمقتل الآلاف وأثار تنديد الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية.

وترد الفصائل المعارضة باستهداف الأحياء الغربية بالقذائف التي غالبا ما تتسبب بوقوع قتلى.

ودفع سكان مدينة حلب ثمنا باهظا للنزاع منذ اندلاعه بعدما باتوا مقسمين بين أحياء المدينة. ويقطن نحو 250 ألفا في الأحياء الشرقية ونحو مليون و200 ألف آخرين في الأحياء الغربية.

ويعيش سكان الأحياء الشرقية ظروفا إنسانية صعبة جراء الحصار والقصف الذي لا يستثني المرافق الطبية ومقار الدفاع المدني الذي ينشط متطوعوه في اسعاف الجرحى وانتشال القتلى من تحت الانقاض.

وفي شباط/فبراير 2016، توصلت موسكو وواشنطن الى اتفاق لوقف الأعمال القتالية في سوريا شمل مناطق عدة بينها مدينة حلب، لكنه سرعان ما انهار بعد شهرين فقط من دخوله حيز التنفيذ.

هجوم لكسر الحصار

في 17 تموز/يوليو 2016، تمكنت قوات النظام من حصار الأحياء الشرقية بالكامل بعد قطعها طريق الكاستيلو، الذي كان طريق الامداد الوحيد الى شرق حلب، ما أدى إلى ارتفاع اسعار المواد الغذائية وصولا الى اختفاء معظمها من الأسواق.

ومنذ 31 تموز/يوليو، شنت الفصائل المقاتلة والجهادية، وبينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) هجمات عدة بهدف فك الحصار عن الأحياء الشرقية.

ونجحت تلك الفصائل في السادس من آب/أغسطس بالتقدم والسيطرة على مواقع استراتيجية من قوات النظام جنوب غرب المدينة، وتمكنت من كسر الحصار عبر فتح طريق امداد الى الأحياء الشرقية يمر عبر منطقة الراموسة.

لكن قوات النظام تمكنت من قطع هذه الطريق في الثامن من ايلول/سبتمبر 2016 بعدما استعادت عددا من المواقع التي خسرتها في المنطقة لتصبح الاحياء الشرقية محاصرة تماما في ظل فشل الأمم المتحدة في إدخال المساعدات.

واحصى المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 130 مدنيا في الفترة الممتدة من 31 آب/اغسطس حتى 8 ايلول/سبتمبر 2016، غالبيتهم جراء سقوط قذائف على الأحياء الغربية. كما قتل في المعارك 700 مقاتل من الطرفين.

وتتواصل الاشتباكات جنوب غرب مدينة حلب، بين الفصائل المقاتلة والجهادية من جهة، وقوات النظام مدعومة من مقاتلين إيرانيين ومن حزب الله اللبناني وبغطاء جوي روسي من جهة أخرى.

وبعد إعلان الجيش السوري الاثنين 19 أيلول/سبتمبر 2016 انتهاء هدنة استمرت أسبوعا من 12 حتى 19 أيلول/سبتمبر، بموجب اتفاق روسي - أميركي، تعرضت الاحياء الشرقية في اليومين الأخيرين ولا تزال لغارات كثيفة تشنها طائرات سورية وروسية أوقعت عشرات القتلى من المدنيين وفق المرصد السوري.

ويجمع محللون على ان معركة حلب اشبه بـ"معركة تحديد مصير"، ومن شان نتائجها ان تحسم مسار الحرب السورية.

 عراقة المدينة

تعد حلب واحدة من أقدم مدن العالم وتعود الى اربعة آلاف عام قبل الميلاد. وقد توالت الحضارات على هذه المدينة المعروفة بصناعة وتجارة النسيج والتي تتميز بموقعها بين البحر الابيض المتوسط وبلاد ما بين النهرين.

وبين العامين 1979 و1982، شهدت المدينة فصولا من قمع النظام السوري لجماعة الاخوان المسلمين. وعادت في التسعينيات لتزدهر مجددا نتيجة حراك تجاري ترافق مع سياسة انفتاح اقتصادي انتهجتها البلاد.

ومنذ اندلاع النزاع في العام 2011، دمرت المعارك المدينة القديمة وأسواقها المدرجة على لائحة يونيسكو للتراث العالمي. وفي العام 2013، أدرجت منظمة يونيسكو الأسواق القديمة التي تعرضت للحرق والدمار على قائمة المواقع العالمية المعرضة للخطر.

وطاول الدمار أيضا مواقع تعود الى سبعة آلاف عام، وتحولت مئذنة الجامع الأموي العائدة الى القرن الحادي عشر إلى كومة من الركام.

كما لحقت أضرار كبيرة بقلعة حلب الصليبية التي استعادتها قوات النظام من المعارضة بعد قتال عنيف.
 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية