كاليدونيا الجديدة: 30 عاما من مذبحة مغارة "أوفييا" إلى الاستفتاء على الاستقلال
نشرت في:
قبل 30 عاما، في 22 إبريل - نيسان عام 1988، سلطت أضواء الإعلام الفرنسي والعالمي على كاليدونيا الجديدة بسبب أحداث دامية، إذ قامت مجموعة من الاستقلاليين بشن هجوم على مقر رجال الدرك في جزيرة "أوفييا"، إحدى جزر أرخبيل كاليدونيا الجديدة، مما أسفر عن مقتل 4 من رجال الدرك واحتجاز 27 آخرين كرهينة في مغارة بالجزيرة.
وفي 5 مايو / أيار، وبين دورتي الانتخابات الرئاسية الفرنسية، شن جنود الجيش الفرنسي هجوما على المغارة لتحرير الرهائن، ولكن الحصيلة كانت كبيرة مع مقتل 19 من محتجزي الرهائن و2 من الرهائن، حتى أن البعض وصف ما حدث بعملية إعدام ميداني، تلتها عمليات قتل أخرى، حتى بلغ مجمل القتلى في هذه الأحداث 80 شخصا.
من هذه المأساة، خرجت اتفاقيات "ماتينيون" بين عرقية الكاناك (السكان الأصليون المطالبون بالاستقلال) وعرقية الكالدوش (السكان البيض من أصل أوروبي والمؤيدون للبقاء في فرنسا) تحت إشراف حكومة الاشتراكي ميشيل روكار، والتي تطلق مرحلة من التنمية الاقتصادية وتحقيق التوازن الاجتماعي بين العرقيات تمهد لعمليات الاستفتاء على حق تقرير المصير.
كاناك وكالدوش:
هما المجموعتان العرقيتان الرئيسيتان في كاليدونيا الجديدة، ويشكل الكاناك (السكان الأصليون) حوالي 39٪ من سكان الأرخبيل، وتتجاوز نسبة الكالدوش (السكان من أصول أوروبية) 27٪ من مجمل السكان، وينتمي بقية السكان إلى أصول مختلفة (فيتنامية، تاهيتية، إندونيسية ... الخ).
وتسود فوارق اجتماعية كبيرة بين المجموعتين، حيث لم يحصل أي من الكاناك على شهادة إتمام الدراسة الثانوية قبل عام 1962، وحتى اليوم لا يحمل نصف السكان الكاناك أي شهادة دراسية، مما ينعكس على فرصهم في سوق العمالة، إذ لا تتجاوز نسبة العاملين منهم 49٪ بينما تصل هذه النسبة لدى بقية السكان إلى 70٪.
المصالح الفرنسية في كاليدونيا الجديدة:
تتمتع كاليدونيا الجديدة بربع مخزون العالم من النيكل، الذي يشكل استخراجه وتصديره النشاط الاقتصادي الرئيسي في الأرخبيل، ويضع فرنسا في المركز الخامس بين منتجي النيكل في العالم.
ولكن باريس تهتم، أساسا، بالبعد الاستراتيجي لبقاء كاليدونيا الجديدة داخل فرنسا، نظرا لامتداد النفوذ الصيني في أوقيانوسيا، المنطقة الواقعة في جزر المحيط الهادئ الاستوائية، وتظل فرنسا القوة الأوروبية الوحيدة التي تتمتع بتواجد في هذه المنطقة، وتشكل حاجزا أمام هيمنة بكين الكاملة عليها، وضمان التوازن والاستقرار فيها، وهو ما تؤكد عليه أستراليا ونيوزيلندا الجديدة القوتين المحليتين، خصوصا بعد انصراف الولايات المتحدة عن الاهتمام بتلك المنطقة والتخلي عنها امام الصين، وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا تتمتع بقاعدة عسكرية في الأرخبيل هي الأكبر في أوقيانوسيا.
كاليدونيا الجديدة اختارت، حاليا، البقاء في فرنسا، ولكن الأمر لم ينته بعد، ذلك إن اتفاقيات نوميا التي عقدت في 1998 تفسح المجال أمام القبول بنتائج استفتاء 2018 أو عقد استفتاءات أخرى على نفس الموضوع، وهذه قصة أخرى.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك