ما هو الموقف الأوروبي الحقيقي من التصعيد الإيراني الأمريكي؟
أبلغ وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، يوم السبت 13/7، نظيره الإيراني بأن بريطانيا ستسهل الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية المحتجزة (جريس1) إذا حصلت على ضمانات بأنها لن تتوجه إلى سوريا.
نشرت في: آخر تحديث:
وفي ذات اللحظة كانت المفوضة العليا لشؤون الأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تقف إلى جانب وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم في مؤتمر صحفي في بغداد، بعد أن التقت مع رؤساء البرلمان والجمهورية والحكومة العراقية، لتحذر من عواقب حدوث مغامرة خطيرة، فيما يتعلق بالتصعيد بين إيران والولايات المتحدة، بعد أن أبلغت القيادة العراقية دعم الاتحاد الأوروبي للدبلوماسية العراقية، في مساعيها لاحتواء هذا التصعيد.
تأتي هذه الاتصالات الهامة وزيارة مسئولة العلاقات الخارجية إلى العراق إثر جهود فرنسية كبيرة للوساطة بين الطرفين الإيراني والأمريكي للتوصل إلى حل وسط يهدئ من حدة التوتر المتصاعد، ويبعد مخاطر مواجهة عسكرية في منطقة تعتبرها أوروبا استراتيجية بالنسبة لمصالحها وأمنها.
فرنسا تدرك أن الرئيس الأمريكي لن يخوض مغامرة عسكرية في سنة انتخابية، وإنما هو يمارس سياسة الضغط القصوى، على طريقة رجال الأعمال المتخصصين في مجال تجارة العقارات. كما تدرك فرنسا أن إيران لا تريد، بدورها، مغامرة عسكرية، ستكون كارثية بالنسبة لها على كافة المستويات، وقد قدمت طهران الكثير من الأدلة بالصبر لمدة عام كامل بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وتجاوزها لبعض بنود الاتفاق يتم وفق عتبات تتضمن كل منها مهلة زمنية، ويرى الفرنسيون أن هذه التجاوزات ما زالت محدودة، حتى الان.
الهامش الضيق الذي تحاول الدبلوماسية الفرنسية التحرك في إطاره هو موافقة أمريكية على بعض الاستثناءات في تسويق النفط الإيراني، مقابل عودة الإيرانيين عن بعض التجاوزات التي قاموا بها للاتفاق النووي، والمساعي الفرنسية لا تنبع من النوايا الطيبة والدفاع عن السلام العالمي فقط، وإنما ترتبط مباشرة بمصالحها الاقتصادية التي أضيرت بسبب العقوبات الأمريكية، وبمكانتها ومكانة أوروبا على الساحة الدولية، بعد هجمات ترامب الشرسة ضد الاتحاد الأوروبي والنزعة الاستقلالية في القارة العجوز، ومبدأ عالم متعدد الأقطاب الذي يتبناه الأوربيون بصورة قوية.
إلا أن احتجاز البريطانيين لناقلة النفط الإيرانية في مضيق جبل طارق عاد ليصب الزيت على النار، بل ويطرح التساؤلات عن وجود موقف أوروبي موحد من هذه الأزمة، أم أن الأوربيين مختلفين حولها.
في هذا الإطار، تكتسب زيارة موغيريني إلى بغداد أهميتها الخاصة، إذ لا تؤكد فقط أن الموقف الأوروبي، وتحديدا الألماني، منسجم مع التحرك الفرنسي، وإنما تشير إلى مشاركة أوروبية في البحث عن حليف دبلوماسي في العراق، الذي يتميز بعلاقات خاصة للغاية مع إيران.
في كافة الأحوال، لم يشكل التحرك البريطاني مفاجأة خاصة للأوربيين، وبصرف النظر عن البريكسيت، ذلك إن لندن طبقت دوما سياسة خارجية ثابتة ومعروفة بتبعيتها الكاملة للسياسة الخارجية الأمريكية، مما كان سببا لخلافات واختلافات دائمة بينها وبين الأوربيين.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك