فرنسا

والد الكاتب الفرنسي مارسيل بروست: عراب "الحجر الصحي" استمد جزءا منه من موسم الحج إلى البقاع الإسلامية المقدسة

في رسالة وجهها مارسيل بروست لصديقه روبير دي مونتيسكيو، قال الكاتب الفرنسي: "أبارك الآن ساعات المرض هذه التي قضيتها في المنزل، والتي جعلتني أستمتع كثيرًا بعاطفة ورفقة والدي في سنواته الأخيرة. تبدو لي الآن تلك الأوقات، أسعد سنوات حياتي، والتي كنت خلالها الأقرب إليه".

مارسيل بروست
مارسيل بروست © تويتر
إعلان

 كان ذلك عام 1903، وتعلق الأمر بوالد بروست الذي يجمع النقاد على أن شهرة ابنه صاحب مؤلف "البحث عن الوقت الضائع"، غطت على مجده. فأندري بروست، الذي عاش ما بين سنتي 1834 و1903، قضى حياته منشغلا بالبحث العلمي حيث وضع أكثر من عشرين مؤلفاً عن دراسات حول مسارات الأوبئة، من بينها دراسة حول الصحة العالمية صدرت عام 1873. وهو يعد أحد كبار المفكرين والمنظرين الأوروبيين حول التباعد الاجتماعي والحجر أو الطوق أو العزل الصحي خلال زمن الكوليرا الآسيوية والطاعون والحمى الصفراء. اهتمامات أبعدته عن ابنه بروست بشكل كبير، لكنها تركت للإنسانية رصيدا هاما في مجال الوقاية من العدوى من الأوبئة، حتى بات أنرديه بروست يوصف بـ"عراب الحجر الصحي".

وقد خصص موقع "تاريخ" (إيستوار) المتخصص مؤخرا، مقالا مطولا عن بروست الأب، كتبه جون لوي تيسيي Jean-Louis Tissier. وهو مقال أماط اللثام عن الكثير من تفاصيل حياة أندري بروست، وأعاد له الاعتبار في زمن الحجر الصحي الذي نعيشه. إذ قال الكاتب إن اختصاصي الصحة أدريان بروست، قد نظر لفكرة العزل الصحي وتتبع جغرافيا الفيروس التاجي، ونصح الحكومة، وأوصى بالحبس المنهجي واكتشف بعض أوجه التشابه اللافتة مع الأزمات الوبائية في القرن التاسع عشر. فأندري بروس قدم، وبشكل مبكر، أطروحات حول دوائر الأوبئة ضمن جزءا منها في مقاله الشهير عن النظافة الدولية والصادر عام 1873، كما رسم المسارات الجديدة للأوبئة الكبرى والفتاكة حيث سافر من بلاد الفرس إلى مصر، ودرس انتشارها خلال موسم الحج في مكة المكرمة، ودرس، خصوصاً، إجراءات النظافة الصحية في وسائل النقل، وخاصة النقل البحري.

ويقول جان إيف تاديه  Jean-Yves Tadié، المتخصص في مارسيل بروست، وكاتب سيرته، إن بروست الأب قد لا يكون ابتكر الطوق أو العزل أو الحجر الصحي إلا أنه أحيا استخدامه. وهو ما يؤكده أندريه بروست نفسه في مقال بتأكيده أن الحجر الصارم من خلال قطع الاتصالات عن طريق البر أو البحر نجح في الحفاظ على أماكن معينة أو دول معينة. بل إن بروست نجح، بفضل سياسته الوقائية من حماية نفسه إذ لم يصب بالعدوى رغم أنه كان يجري أبحاثا حول الأوبئة وكان على تواصل مع مرضى زارهم بكل شجاعة، كما أنه حضر مختلف المؤتمرات التي نظمت في أوربا حول الأوبئة، إلى حين وفاته عام 1903، حيث كان يدافع عن فكرة تأسيس مكتب دولي للنظافة العامة، وهو ما تم بالفعل عام 1907. ويؤكد بروست أنه استطاع حماية نفسه بفضل حفاظه على مسافة مع المرضى وغير من المشكوك في وضعهم الصحي، كما كان يغسل يديه باستمرار.

 

وبينما لايزال  إشكال الحفاظ على صحة المواطنين أم على الاقتصاد المعولم يناقش وبحدة، نجد الجواب عند أ. بروست الذي صارع من أجل فرض عزل صحي حقيقي على البريطانيين والعثمانيين في زمن الأوبئة. وذلك في مواجهة توجه البريطانيين آنذاك إلى تجنب إبطاء التجارة التي كانت تتم أساسا على طريق الهند، بهدف حماية الاقتصاد ورغم المخاطر التي كانت تطرحها تلك الرحلات على الصحة العامة. 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية