إلى أي حد يؤثر تغير فصول السنة في فيروس كورونا المستجد؟
السؤال طرحه الكثيرون مع بداية انتشار فيروس كورونا المستجد والتي تزامنت مع فصل الشتاء. وهو ما دفع العديد من العلماء والباحثين إلى القيام بجملة من الدراسات والأبحاث لفهم علاقة فصول السنة بهذا الفيروس، خاصة وأن مثل هذه الدراسات تمت في ارتباط بفيروسات أخرى تبين أن لها ارتباطا وثيقا بتغير الفصول، من قبيل الأنفلونزا التي تكثر في فصل الشتاء. ولعل ما شجع أكثر تلك الأبحاث، ما لاحظه الخبراء من بداية انحسار فيروس كورونا المستجد في العديد من دول العالم، وخاصة في أوروبا، مع بداية الصيف، مما أعطى لفرضية موسمية الفيروس قوة تستحق الدراسة.
نشرت في:
وتشير النتائج الأولية للعديد من الدراسات أن درجة الحرارة تلعب دورًا في وباء فيروس كورونا المستجد، دون أن تكون عاملاً محددا لمدى انتشارها، إذ تدخل في هذا الأمر العديد من العناصر الأخرى المؤثرة بشكل كبير. وتؤكد تلك الفرضيات أن درجة الحرارة أو الرطوبة أو أشعة الشمس أو السلوك البشري يمكنها أن تؤثر على فيروس كورونا المستجد. ويلاحظ البروفيسور أنطوان فلاهولت Antoine Flahault. رئيس معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف، أن فيروس كورونا المستجد ظهر في الصين، أولا، خلال فصل الشتاء من العام الماضي، ومنه انتشر بكثافة في عدد من المناطق، منها المناطق المعتدلة من الكرة الأرضية، بينما كان نشاطه أقل حدة في النصف الجنوبي للكرة الأرضية. لكن البروفسور يضيف قائلا إنه على مدى الأسابيع القليلة الماضية "شهدنا انخفاضًا واضحًا في عدد الإصابات في كل مكان تقريبًا، باستثناء مناطق محددة من نصف الكرة الشمالي مثل السويد وبولندا ودول معينة في الولايات المتحدة". وعلى العكس من ذلك، مع اقتراب فصل الشتاء في عدد من المناطق، نلاحظ أن الفيروس بدأ ينتشر بحدة هناك، إذ تشهد الأرجنتين وتشيلي وجنوب البرازيل وجنوب أفريقيا، مثلا، انتشارا قويا للوباء يذكر بما عاشته أوربا في الأشهر الأخيرة. ويؤكد أنطوان فلاهولت البسوفيسور أن موسمية الفيروسات كتلك الخاصة بالإنفلونزا لا تقتصر على درجة الحرارة أو الرطوبة، بل يجب أيضا الأخذ بعين الاعتبار الدور المدمر للأشعة فوق البنفسجية على غلاف الفيروسات، والذي يتم بفعل الأشعة الشمسية، إضافة إلى سلوك الإنسان المرتبط بفصل الصيف، إذ يقضي الناس المزيد من الوقت في الخارج عندما يكون الطقس لطيفًا.
هذه الفرضية، يطرحها جان فرانسوا لفريسي رئيس المجلس العلمي لكوفيد 19 بفرنسا، والذي يقدم للحكومة المشورة بخصوص هذا الوباء. ويتوقع بناء عليها أن تتم السيطرة على الوباء في فرنسا خلال فصل الصيف، بفضل الحجر الصحي وما تلاه من وعي الناس بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة، وربما أيضا لكون الفيروس حساسا أمام درجة الحرارة المرتفعة.
ويرى رئيس معهد الصحة العالمية جامعة جنيف، أن تلك الملاحظة تعطي الانطباع بأن فصل الصيف قد يحد من انتشار الفيروس، لكن دوره قد لا يكون إلا جزئيًا ولن ينجح بالضرورة في منع انتشار الفيروس طوال فصل الصيف في الجزء المعني من الكرة الأرضية.
و يؤكد البروفيسور بيير تاتيفان من جهته أن فرضية أن فيروس كوفيد 19 موسمي تبقى صعبة التأكيد، وتحتاج إلى لمزيد من الدراسة والحجج. واعتبر الربط بين تحسن الوضع حاليا في عدد من الدول الأوربية، وبدء فصل الصيف، قد يكون خاطئا، لأن جل الدول الأوربية المعنية عاشت حجرا صحيا وكان من الطبيعي أن يؤدي إلى انحسار في أعداد المصابين. وهو ما يجعل من الصعب التمييز بين تأثير بداية فصل الصيف والنتائج الإيجابية التي تم الحصول عليها حتى الآن.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك