ماذا يحدث في بلدة تينزواتين في الجنوب الجزائري؟
نشرت في:
نفت وزارة الدفاع الجزائرية إطلاق النار على محتجين في بلدة تين زواتين الجنوبية على الحدود مع دولة مالي. واقرت السلطات الجزائرية بمقتل شخص ونسبت مقتله إلى إطلاق نار من طرف مهربين. أما سكان المنطقة فإنهم أكدوا أنهم تظاهروا بسبب التهميش وعدم تجاوب السلطات مع مطالبهم في التنمية وقالوا إن سبب الأحداث الأخيرة هو إقدام الجيش الجزائري على بناء سياج على طول الوادي على الحدود مع مالي الأمر الذي منعهم من التزود بالمياه.
بلدة تين زواتين تتبع ولاية تمنراست في أقصى الجنوب الجزائري على الحدود مع دولتي مالي والنيجر ، وهي تبعد عن العاصمة الجزائر بنحو 2000 كم . البلدة تقع ضمن المنطقة العسكرية السادسة ، ومنذ الأسبوع الثاني لشهر يونيو / حزيران 2020 نقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورًا لمتظاهرين من البلدية يرفعون شعارات تطالب بإزالة الستار الشائك ، الذي وضعه الجيش الجزائري ، على طول الوادي الفاصل بين الجزائر ومالي ، حيث كتب المتظاهرون شعارات رفضوا فيها " تهميش وإهمال سكان الجنوب "
وفي يوم الخامس عشر من الشهر ذاته، نشرت بعض مواقع التواصل الاجتماعي صورا ، وقالت إنها لعناصر الدرك والجيش الجزائريين ، تدخلت ضد المحتجين، حيث سُمع في الفيديو أن الأمن يستخدم الرصاص المطاطي والحي لتفريق المتظاهرين ، وأن هناك شخصا قد قتل وأصيب اخرون .
بعد هذه الأخبار وعلى اعتبار المنطقة الحدودية مع مالي هي منطقة عسكرية وذات أهمية استراتيجية ، نشرت وزارة الدفاع الجزائرية بيانا نفت ما وصفته " ادعاءات باطلة " وقالت إن الجيش لم يطلق النار على أشخاص في المنطقة .
وجاء في بيان وزارة الدفاع الجزائرية أنه "على إثر تداول معلومات تحريضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، توجه أصابع الاتهام لأفراد من الجيش الوطني الشعبي بإطلاق النار على أشخاص بمنطقة إخرابن المالية، المحاذية لبلدية تين زاوتين بالناحية العسكرية السادسة، فإن وزارة الدفاع تنفي نفيا قاطعا مثل هذه الإدعاءات الباطلة وتوضح بأن الأحداث تعود إلى قيام بعض الأشخاص المعروفين في المنطقة بنشاطاتهم المشبوهة في مجال التهريب والجريمة المنظمة ، بمحاولة تخريب الجدار الحدودي العازل وتحريض السكان على العنف والتظاهر"
السلطات الجزائرية اعترفت بوفاة شخص لكنها قالت ان الطلق الناري جاء من من بلدة حدودية في جهة دولة مالي وأنها فتحت تحقيقا في الحادثة .
صفحات إخبارية متضامنة مع منطقة تينزا واتين، نقلت شهادات لمواطنين ، أكدوا عدم وجود علاقة بين ما يحدث من جهة وعمليات التهريب من جهة أخرى ، بل خرج الناس لأن السلطات الجزائرية لم تتجاوب مع تحذيرات أعيان المنطقة ومع المواطنين ، لحل مشكل السياج الشائك الذي وضعه الجيش الجزائري قرب بيوتهم على طول الوادي ، وقالوا إن السلطات تجاهلت مطالبهم لأن السياج وضع في أراضي القرية وبات يمنعهم من التوجه بحرية إلى الوادي التي يشربون من مياهها وتشرب منها أيضا حيواناتهم، حيث كان بإمكان السلطات التشاور وإيجاد حل ، كبناء السياج في الجهة المقابلة للوادي على الحدود مباشرة مع مالي لتجنب تضرر السكان .
معاناة أزلية لسكان الجنوب الجزائري
ما حدث في تين زواتين بأقصى الجنوب الجزائري أعاد إلى الواجهة مشاكل مزمنة يعاني منها سكان الجنوب ، هي مشاكل التهميش وانعدام التنمية والصراع اليومي للبحث عن المياه الصالحة للشرب ، إضافة لقضية مناطق الطوارق الحدودية في الصحراء ، حيث تعتمد العائلات والأسر في عيشها على اقتصاد التنقل الحر في مناطق شبه مشتركة .
أزمة وباء كورونا ، وغياب الاستقرار في السلطة منذ بداية الحراك الشعبي ، زادا من عزلة المناطق الجنوبية وزادا من التوترات مع السلطات الأمنية .
الملاحظ أن مدينة تين زواتين كانت قد اضرابا في شهر آذار / مارس الماضي شنه السكان الذين احتجوا على مقتل شاب على يد الشرطة . أما بلدة تيماوين فقد شهدت وقفة سكانية بسبب العطش تدخل الدرك بقوة لتفريق المحتجين ، بينما شهدت مدينة ورقلة بداية شهر يونيو الجاري تظاهر المئات احتجاجاً على واقع التنمية والمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية، وقد رفعت لافتات كبيرة تحدثت عن "الواقع الفقير للولاية " والتناقض الذي يعيشه السكان ، حيث تعد الولاية من أغنى الولايات الجزائرية على اعتبار احتوائها على أكبر آبار النفط ، وهي منطقة حاسي مسعود. كل هذا دون نسيان، منطقة عين صالح التي شهدت سنة 2015 اعتصامًا كبيرًا ضدّ استغلال الغاز الصخري، وقد بدا ذلك كتحول في خارطة الاحتجاجات الاجتماعية من الشمال إلى الجنوب، حيث كانت مناطق الجنوب تعاني في صمت، وبالرغم من ذلك ظلا متماهية مع سياسات الحكومات وقابلة بالأوضاع المعيشية المتردية في مجالات النقل والصحّة والشغل.
الجيش الجزائري تدخل في السنوات الأخيرة لصد تسللات إرهابية من النيجر ومالي ويقول إن هناك رغبة لتوريط البلاد في أحداث منطقة الساحل، لكن واقع السكان في الجنوب الجزائري يشير إلى أن السلطات تبدو عاجزة عن إيجاد الحلول وتنفيذ خطط التنمية ، وتحاول تعزيز الوجود الأمني ، دون امتصاص لغضب المواطنين .
وقد حذر بعض المراقبين من أطماع حركة الأزواد في توسيع رقعتهم الجغرافية .وحذر آخرون من مغبة عواقب استمرار مشاكل البؤس والفقر والتهميش وتفاقهما إضافة إلى قمع المواطنين من قبل قوى الأمن وعدم التحاور معهم واحترامهم ، فمن الممكن أن تدفع كل هذه العوامل ، بعض شباب المنطقة لأن أن يكونوا صيدًا سهلًا تقتات منه الجماعات المتطرفة .
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك