نيويورك تايمز: "الديكتاتور الذي شن الحرب على دارفور سقط لكن القتل والمجازر مستمرة"
نشرت في:
أحيت الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير عام 2019 آمالاً كبرى في كبح جماح الميليشيات العربية، التي كان يدعمها والمتهمة بارتكاب فظائع في دارفور، في ظل الحكومة التي تولت السلطة بعده ويديرها المدنيون والجيش. غير أن مقتل مئة شخص مؤخراً في هجمات لميليشيات واشتباكات قبلية في الإقليم المضطرب أعاد قلب الأوراق وأحبط التفاؤل الذي كان سائداً بإحلال السلام.
واقتحم عشرات من عناصر الميليشيات العربية قرية فاتا بورنو النائية في دارفور الاثنين 13 تموز 2020 وأطلقوا أعيرة نارية على الناس والجمال والخيول والدراجات النارية قبل أن يعمدوا إلى نهب المنازل وسرقة الحيوانات وتحطيم خزانات المياه. هرع جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة إلى مكان الحادث، لكنهم قالوا إنهم وجدوا الطريق مسدوداً بسبب العقبات التي وضعت في الطريق فأكملوا سيراً على الأقدام، غير أن الأوان كان قد فات عندما وصلوا بعد ساعتين ونصف الساعة.
وبحسب مقال لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن رمزية الهجوم الأخير تمكن في أنه يقع بعد عام من احتجاجات شعبية عارمة أطاحت بـ"الديكتاتور عمر حسن البشير الذي انتهت فظائع ارتكبت في دارفور إلى اتهامه بالإبادة الجماعية في المحاكم الدولية" ويقبع حالياً في سجنه بالسودان.
وأسفت الصحيفة من أن آمال التغيير التي أحدثتها الثورة في مدن السودان لم تصل بعد إلى دارفور "حيث لا تزال ميليشيات الجنجويد العربية البدوية سيئة السمعة والمدججة بالسلاح تمارس الذبح والنهب والاغتصاب في تكتيكات سياسة الأرض المحروقة التي تتذكر بأسوأ أيام حكم البشير".
وبعد المذبحة الأخيرة بولاية غرب دارفور، وعد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بإرسال تعزيزات من الشرطة والجيش "لحماية المواطنين والموسم الزراعي"، غير أن الثقة منعدمة بقوات الأمن بين مواطني دارفور بسبب تاريخ مخيب للجيش السوداني من التلاعب بالعنف الإثني بحسب جماعات حقوق الإنسان.
وتقول نيويورك تايمز إنه "في الوقت الذي تمت فيه هزيمة ديكتاتور السودان، فقد ثبت أن إرثه صعب التفكيك وأن التحول إلى الديمقراطية متعثر بشكل خطير في مناطق رئيسية".
اندلعت الحرب في دارفور عام 2003 عندما انتفض متمردون ضد الحكومة بسبب ما يصفونه بالتمييز الطويل الأمد ضد السكان غير العرب في المنطقة. رد البشير حينها بتسليح الجنجويد الذين كانوا يقتلون آلاف المدنيين شهرياً في ذروة الحرب خلال هجمات صنفتها المحكمة الجنائية الدولية على أنها "إبادة جماعية". وتقدر الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 300 ألف شخص لقوا حتفهم في نزاع انخفضت حدته في السنوات الأخيرة لكنه لم يتوقف أبداً.
ومنذ الإطاحة بالبشير في نيسان من عام 2019، كان أحد أقوى الشخصيات في الحكومة الجديدة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ"حميدتي"، الأمر الذي أثار استياء العديد من سكان دارفور لأن دقلو قاد قوات الدعم السريع شبه العسكرية المتهمة بارتكاب فظائع في دارفور. وعزت الصحيفة الأمريكية تعثر جهود السلام في إقليم دارفور إلى وجود حميدتي كجزء من الوفد الحكومي المفاوض مع الجماعات المتمردة.
وكشفت "نيويورك تايمز" أنها اطلعت على تقارير الأمم المتحدة الداخلية وأجرت مقابلات مع زعماء القبائل في دارفور ومع مسؤولين في الأمم المتحدة وخلصت إلى أن الأهالي ومعظمهم من النازحين بسبب معارك سابقة كانوا يحتجون قبل أسبوعين من الهجوم مطالبين باستقالة الحاكم المحلي اللواء مالك الطيب خوجلي الذي اتهموه بالانحياز إلى العرب. وفي 12 تموز، رد خوجلي على مطالب القرويين بسحب قوات الأمن من المنطقة، ثم قامت المليشيات العربية بهجومها صباح اليوم التالي وأوقعت 100 قتيل على الأقل.
ولم يتضح ما إذا كانت القوات السودانية قد "سهلت" القيام بالهجوم، غير أن تقريراً داخلياً للأمم المتحدة أشار إلى تغيبها حيث "لم تكن أي من قوات الأمن التابعة للحكومة السودانية موجودة على الأرض للدفاع عن النازحين".
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك